في الظهور ـ لأنّ مرجع الطلوع والغروب إلى الحركة الحادثة شيئا فشيئا. ولو اريد استصحاب أحكامهما ، مثل : جواز الأكل والشرب وحرمتهما ، ففيه : أنّ ثبوتهما في السابق كان منوطا ومتعلّقا في الأدلّة الشرعيّة بزماني الليل والنهار ، فإجراؤهما مع الشكّ في تحقّق الموضوع بمنزلة ما أنكره على القائلين بالاستصحاب من إجراء (*) الحكم من موضوع إلى موضوع آخر.
وبما ذكرنا يظهر ورود النقض المذكور عليه في سائر الأمثلة ، فأيّ فرق بين الشكّ في تحقّق الحدث أو الخبث بعد الطهارة ـ الذي جعل الاستصحاب فيه من ضروريّات الدين ـ وبين الشكّ في كون المذي محكوما شرعا برافعيّة الطهارة؟! فإنّ الطهارة السابقة (٢٢٣٨) في كلّ منهما كان منوطا بعدم تحقّق الرافع ، وهذا المناط في زمان الشكّ غير متحقّق ، فكيف يسري حكم حالة وجود المناط إليه؟!
______________________________________________________
وقوله : «كان الأمر كذلك» يعني : من حيث تغاير القضيّة المتيقّنة والمشكوكة ، وإن كان التغاير على تقدير إرادة نفس الزمان أظهر ، لكون التغاير علي تقدير إرادة الطلوع والغروب من أجل التعلّق بالزمان ، لأنّ مرجع الطلوع والغروب إلى الحركة الحادثة شيئا فشيئا بحسب الزمان ، إذ المراد بالطلوع حركة الشمس من تحت الأرض إلى فوق الأفق ، وبالغروب حركتها من فوق الأفق إلى تحت الأرض. وحينئذ فمرجع استصحاب عدم الطلوع أو الغروب إلى إثبات الحركة الحاصلة للشمس تحت الأرض أو فوقها في زمان اليقين في زمان الشكّ ، وهو متيقّن الارتفاع ، للقطع بتغاير الحركة في الزمانين. مضافا إلى أنّ الأحكام في الأدلّة إنّما تعلّقت بعنوان الليل والنهار ، فإثباتهما بأصالة عدم الطلوع والغروب من قبيل الاصول المثبتة.
٢٢٣٨. حاصله : أنّ عدم المانع وإن لم يكن داخلا في موضوع الحكم إلّا أنّه معتبر في ثبوت الحكم له ومناطه ، وحينئذ تختلف القضيّة المتيقّنة والمشكوكة
__________________
(*) في بعض النسخ بدل : «إجراء» ، إسراء.