.................................................................................................
______________________________________________________
الحكم العقلي ، إذ كما أنّ العقل لا يحكم بشيء إلّا بعد إحراز جميع خصوصيّات موضوعه وقيوده ومشخّصاته حتّى عدم المانع ، كذلك الشرع. والوجه فيه واضح ، لأنّ الشرع أو العقل إن حكم بشيء على موضوع من دون إحراز جميع مقتضيات حكمه حتّى عدم المانع ، لزم حكمه من دون إحراز علّته التامّة ، وهو واضح البطلان ، فالموضوع دائما إمّا نفس العلّة التامّة أو هي موجودة فيه إجمالا. فإذا ثبت الحكم على هذا الموضوع في زمان ، فالشكّ في ثبوته في الزمان الثاني لا يعقل إلّا من جهة الشكّ في بعض قيود موضوعه ، إذ مع العلم بالموضوع بجميع قيوده لا يعقل الشكّ في ثبوت حكمه ، وإلّا لزم تخلّف العلّة عن معلولها ، وهو خلف.
ومن هنا يظهر أنّا لو فرضنا اعتبار قيد في الحكم دون موضوعه في الأدلّة ، مثل ما لو قال الشارع : الماء نجس إذا تغيّر ، فلا بدّ من إرجاعه أيضا إلى قيود الموضوع ، إذ بعد اعتبار كون الموضوع علّة للحكم المرتّب عليه ، فإن كان الموضوع غير مقيّد بما قيّد حكمه به لزم كون العلّة مقتضية لمعلوله مطلقا ، ومعلوله مختصّا ببعض الأحوال ، وهو محال ، لاستلزامه تخلّف العلّة عن معلوله في غير محلّ القيد ، وهو باطل بالضرورة.
ومن هذا التقرير يظهر عدم اختصاص الشبهة بما كان الموضوع فيه فعل المكلّف ، لوضوح سريانها إلى سائر الموارد أيضا حتّى مثل استصحاب حياة زيد ، لأنّ الموضوع فيه هو الشخص الحيّ ، والمستصحب حصوله ووجوده بالمعنى المصدري ، كما سيجيء عند بيان اشتراط العلم ببقاء الموضوع في جريان الاستصحاب ، فالموضوع فيه أيضا لا بدّ أن يكون علّة لعروض المستصحب عليه بتقريب ما عرفت. وكذا الأمر في استصحاب الرطوبة واليبوسة ، وهكذا.
وبالجملة ، إنّ المستصحب في جميع الموارد عارض ومحمول على موضوعه ، والموضوع علّة لثبوته ، فلا يعقل التفصيل بحسب الموارد. فهذه الشبهة في الحقيقة من أدلّة القول بالنفي مطلقا ، لا القول بالتفصيل بين الأحكام التكليفيّة وغيرها.