وبه يندفع ما يقال : إنّه كما يمكن أن يجعل الزمان ظرفا للفعل ، بأن يقال : إنّ التبريد في زمان الصيف مطلوب ، فلا يجري الاستصحاب إذا شكّ في مطلوبيّته في زمان آخر ، أمكن أن يقال : إنّ التبريد مطلوب في الصيف على أن يكون الموضوع نفس التبريد والزمان قيدا للطلب ، وحينئذ فيجوز استصحاب الطلب إذا شك في بقائه بعد الصيف ؛ إذ الموضوع باق على حاله في الحالتين. توضيح الاندفاع : أنّ القيد في الحقيقة راجع إلى الموضوع ، وتقييد الطلب به أحيانا في الكلام مسامحة في التعبير ـ كما لا يخفى ـ فافهم.
وبالجملة : فينحصر مجرى الاستصحاب في الامور القابلة للاستمرار في موضوع ، وللارتفاع عن ذلك الموضوع بعينه ، كالطهارة والحدث والنجاسة والملكية والزوجية والرطوبة واليبوسة ونحو ذلك. ومن ذلك يظهر عدم جريان الاستصحاب في الحكم الوضعي أيضا إذا تعلّق بفعل الشخص.
هذا ، والجواب عن ذلك : أنّ مبنى الاستصحاب ـ خصوصا إذا استند فيه (٢٢٨١) إلى الأخبار ـ على القضايا العرفيّة المتحقّقة في الزمان السابق التي ينتزعها العرف من الأدلّة الشرعيّة ، فإنّهم لا يرتابون في أنّه إذا ثبت تحريم فعل في زمان ثمّ شكّ في بقائه بعده ، فإنّ الشكّ في هذه المسألة في استمرار الحرمة لهذا الفعل وارتفاعها ، وإن كان مقتضى المداقّة العقليّة كون الزمان قيدا للفعل. وكذلك الإباحة والكراهة والاستحباب.
______________________________________________________
٢٢٨١. ظاهره أنّ المدار في باب الاستصحاب على الصدق العرفي في البقاء والارتفاع ، حتّى على القول باعتباره من باب الظنّ. وقد يناقش فيه بأنّ المدار على هذا القول على حصول الظنّ ، سواء صدق معه البقاء عرفا أم لا ، ولا ملازمة بينهما ، كيف لا واعتبار الصدق العرفي إنّما يتمّ على القول باعتبار الاستصحاب من باب الأخبار ، لكون المدار في العمل بها على مصاديقها العرفيّة ، ولا دليل عليه على تقدير اعتباره من باب الظنّ.
وأنت خبير بأنّ هذا الكلام وإن كان متّجها ، إلّا أنّ الظاهر أنّ مقصود