وقد ذكر في النهاية مسألة الاستصحاب ، ونسب إلى جماعة منهم الغزاليّ حجّيته ، ثمّ أطال الكلام في أدلّة النافين والمثبتين ، ثمّ ذكر عنوانا آخر لاستصحاب حال الإجماع ، ومثل له بالمتيمّم إذا رأى الماء في أثناء الصلاة ، وبالخارج من غير السبيلين من المتطهّر ، ونسب إلى الأكثر ومنهم الغزاليّ عدم حجّيته.
إلّا أنّ الذي يظهر بالتدبّر (٢٢٨٦) في كلامه المحكي في النهاية : هو إنكار الاستصحاب المتنازع فيه رأسا وإن ثبت المستصحب بغير الإجماع من الأدلّة المختصّة
______________________________________________________
٢٢٨٦. لا يخفى أنّ ما استظهره المصنّف رحمهالله من كلام الغزالي ـ من كونه نافيا مطلقا ـ وإن كان متّجها بناء على التأمّل في كلامه المحكيّ في النهاية ، إلّا أنّ محمّد بن علي بن أحمد الحرفوشي العاملي قد حكى في شرحه على قواعد الشهيد عن الغزالي في كتابه المستصفى التصريح بالتفصيل بين استصحاب حال الإجماع وغيره ، لأنّ الشهيد قد قسّم الاستصحاب إلى استصحاب النفي ، واستصحاب حكم العموم إلى ورود مخصّص ، وحكم النصّ إلى ورود ناسخ ، واستصحاب حكم ما ثبت شرعا كالملك عند وجود سببه إلى أن يثبت رافعه ، واستصحاب حكم الإجماع في موضع النزاع.
قال الفاضل الحرفوشي عند بيان القسم الرابع : «حاصله أن يتّفق حكم فيتغيّر الحال ويقع الاختلاف ، فيستدلّ من يعتبر باستصحاب الحال» إلى أن قال : «اعلم أنّ الغزالي والأكثر ذهبوا إلى أنّ الاستصحاب في محلّ النزاع ليس بحجّة. وحكى عن بعض الشافعيّة. وذهب أبو بكر الصيرفي وغيره من الشافعيّة إلى أنّه حجّة. وهو اختيار الآمدي وابن الحاجب. ومن أطلق منهم القول بأنّه ليس بحجّة ـ كإمام الحرمين ـ فمرادهم به هذا النوع الرابع ، لأنّ الغزالي يوافقهم على عدم القول به ، وقد صرّح في المستصفى بأنّ الأنواع الثلاثة الأول متّفق على القول بها ، فتأمّل» انتهى.
وقال بعض الشافعيّة في شرح منظومته بعد بيان أقسام الاستصحاب واعتبارها : «ويخرج من هذا استصحاب حال الإجماع في محلّ الخلاف ، وهو أن