مناط نفيه لذلك ـ كما عرفت من تمثيله بموت زيد وبناء دار ـ احتياج الحكم في الزمان الثاني إلى دليل أو أمارة.
هذا ، وعلى كلّ حال ، فلو فرض كون الغزالي مفصّلا في المسألة بين ثبوت المستصحب بالإجماع وثبوته بغيره ، فيظهر ردّه ممّا ظهر من تضاعيف ما تقدّم من أنّ أدلّة الإثبات لا يفرّق فيها بين الإجماع وغيره ، خصوصا ما كان نظير الإجماع في السكوت عن حكم الحالة الثانية ، خصوصا إذا علم عدم إرادة الدوام منه في الواقع كالفعل والتقرير ، وأدلّة النفي كذلك لا يفرّق فيها بينهما أيضا.
و (*) قد يفرّق بينهما : بأنّ الموضوع في النصّ مبيّن يمكن العلم بتحققه وعدم تحققه في الآن اللاحق ، كما إذا قال : " الماء إذا تغيّر نجس" ، فإنّ الماء موضوع والتغيّر قيد للنجاسة ، فإذا زال التغيّر أمكن استصحاب النجاسة للماء. وإذا قال : " الماء المتغيّر نجس" ، فظاهره ثبوت النجاسة للماء المتلبّس بالتغيّر ، فإذا زال التغيّر لم يمكن الاستصحاب ؛ لأنّ الموضوع هو المتلبّس بالتغيّر وهو غير موجود ، كما إذا قال : " الكلب نجس" ، فإنّه لا يمكن استصحاب النجاسة بعد استحالته ملحا.
فإذا فرضنا انعقاد الإجماع على نجاسة الماء المتّصف بالتغيّر ، فالإجماع أمر لبيّ ليس فيه تعرّض لبيان كون الماء موضوعا والتغيّر قيدا للنجاسة أو أنّ الموضوع هو المتلبّس بوصف التغيّر.
وكذلك إذا انعقد الإجماع على جواز تقليد المجتهد في حال حياته ثمّ مات ، فإنّه لا يتعيّن الموضوع حتّى يحرز عند إرادة الاستصحاب ، لكن هذا الكلام جار في جميع الأدلّة الغير اللفظيّة (٢٣٠٥).
______________________________________________________
٢٣٠٥. أنت خبير بأنّ الدليل اللفظي أيضا كثيرا ما يكون مجملا من حيث تبيّن موضوع الحكم فيه ، وفي الإجماع أيضا قد يكون موضوع الحكم مبيّنا ، كما إذا انعقد الإجماع على حكم ووقع الخلاف في رافعه ، كالمذي بالنسبة إلى الطهارة ،
__________________
(*) في بعض النسخ : بدل «و» ، نعم.