وبالجملة : فالفرق بينهما ، أنّ الشكّ في الرافعية فيما نحن فيه من قبيل الشكّ في تخصيص العام زائدا على ما علم تخصيصه ، نظير ما إذا ثبت تخصيص العلماء في" أكرم العلماء" بمرتكبي الكبائر ، وشكّ في تخصيصه بمرتكب الصغائر ، فإنّه يجب التمسّك بالعموم.
والشك في وجود الرافع فيما نحن فيه ، شكّ في وجود ما خصّص العامّ به يقينا ، نظير ما إذا علم تخصيصه بمرتكبي الكبائر وشكّ في تحقّق الارتكاب وعدمه في عالم ، فإنّه لو لا إحراز عدم الارتكاب بأصالة العدم التي مرجعها إلى الاستصحاب المختلف فيه لم ينفع العام في إيجاب إكرام ذلك المشكوك.
هذا ، ولكن يمكن أن يقال (٢٣١٥) : إنّ مبنى كلام المحقّق قدسسره لمّا كان على وجود
______________________________________________________
لمطلوب الشارع ، ومقيّدة للإطلاقات دفعة واحدة ، فكما أنّه يعتبر في العمل بإطلاق الأمر بالصلاة إحراز كونها صلاة ، كذلك يعتبر إحراز قيود مطلوبه.
ووجه الدفع ـ كما نبّه عليه المصنّف رحمهالله في مسألة الشكّ في الأجزاء والشرائط فيما كان الشكّ ناشئا من إجمال الدليل ـ : أنّ المطلوب لم يقيّد بمفهوم الصحيحة حتّى يكون مرجع التقييد إلى تنويع مقتضى الإطلاقات بنوعي الصحيح والفاسد ، بل القدر الثابت من عدم كون الفاسدة مرادة للشارع كون المصاديق الصحيحة مرادة له ، لأنّ ألفاظ العبادات على القول بالأعمّ إنّما هي موضوعة لنفس المصاديق الصحيحة والفاسدة ، والقدر الثابت من تقييد مراده كون مراده بها المصاديق الصحيحة الخارجة ، أعني : الأفراد المستجمعة للأجزاء والشرائط المعتبرة في تعلّق الأمر بها. وإذا فرض صدق لفظ الصلاة على الفرد المشتبه بحسب وضعه ، وفرض استجماعه لجميع الأجزاء والشرائط التي قد ثبتت بالأدلّة ، يدفع احتمال غيرها بإطلاق الأمر ، بمعنى كون شمول إطلاق الأمر لهذا الفرد كاشفا عن دخوله تحت مراد الشارع ، فيحكم بصحّته بذلك. وذيل الكلام في ذلك طويل ، أوضحناه في مبحث العامّ المخصّص بالمجمل.
٢٣١٥. حاصله : بيان الفرق بين العامّ والمقتضي ، لأنّ اعتبار العامّ من باب