حصر الناقض لليقين السابق في اليقين بخلافه ، وحرمة النقض بغيره ـ شكّا كان أم يقينا بوجود ما شكّ في كونه رافعا ـ ألا ترى أنّه لو قيل في صورة الشكّ في وجود الرافع : أنّ النقض بما هو متيقّن من سبب الشك لا بنفسه ، لا يسمع. وبالجملة : فهذا القول ضعيف في الغاية ، بل يمكن دعوى الإجماع المركّب (٢٣٢٥) بل البسيط على خلافه.
وقد يتوهّم (٢٣٢٦) أنّ مورد صحيحة زرارة الاولى ممّا أنكر المحقّق المذكور الاستصحاب فيه ؛ لأنّ السؤال فيها عن الخفقة والخفقتين من نقضهما للوضوء. وفيه : ما لا يخفى ؛ فإنّ حكم الخفقة والخفقتين قد علم من قوله عليهالسلام : " قد تنام العين ولا ينام القلب والاذن" ، وإنّما سئل فيها بعد ذلك عن حكم ما إذا وجدت أمارة على النوم ، مثل : تحريك شيء إلى جنبه وهو لا يعلم ، فأجاب بعدم اعتبار ما عدا اليقين بقوله عليهالسلام : " لا ، حتّى يستيقن أنّه قد نام ، حتّى يجئ من ذلك أمر بيّن ، وإلّا فإنّه على يقين ...". نعم ، يمكن أن يلزم المحقّق المذكور كما ذكرنا سابقا بأنّ الشك في أصل النوم في مورد الرواية مسبّب عن وجود ما يوجب الشكّ في تحقق النوم ، فالنقض به ، لا بالشكّ (*) ، فتأمّل (٢٣٢٧).
______________________________________________________
٢٣٢٥. لعدم وجود مفصّل بين الشكّ في وجود المانع والشكّ في مصداقه ، لأنّ كلّ من قال باعتبار أحدهما قال باعتبار الآخر أيضا ، ومن أنكره أنكره أيضا ، بل لا قائل بإنكاره حتّى من المنكرين في الشكّ في مصداق المانع المبيّن المفهوم ، كما لا قائل بإنكاره في الشكّ في وجود المانع ، بل قد ادّعى الأمين الأسترآبادي الضرورة على اعتباره في الموضوعات. مضافا إلى استفاضة حكاية الإجماع على عدم الفرق بين أقسام الشكّ في المانع. ومن هنا يظهر وجه مخالفته للإجماع البسيط محصّلا ومحكيّا ، فتدبّر.
٢٣٢٦. المتوهّم صاحبا الفصول والضوابط. وقد تقدّم كلام ثانيهما عند شرح ما يتعلّق بالصحيحة ، فراجع.
٢٣٢٧. لعلّ الأمر بالتأمّل إشارة إلى دعوى المحقّق السبزواري لكون النقض
__________________
(*) في بعض النسخ زيادة : فيه.