وأمّا وجود الشيء المشكوك الرافعية ، فهو بوصف الشكّ (*) في كونه رافعا الحاصل من قبل سبب لهذا الشكّ ؛ فإنّ كلّ شكّ لا بدّ له من سبب متيقّن الوجود حتّى الشكّ في وجود الرافع ، فوجود الشيء المشكوك في رافعيته جزء أخير للعلّة التامّة للشكّ المتأخّر الناقض ، لا للنقض.
وثانيا : أنّ رفع اليد (٢٣٢٤) عن أحكام اليقين عند الشك في بقائه وارتفاعه لا يعقل إلّا أن يكون مسبّبا عن نفس الشك ؛ لأنّ التوقّف في الزمان اللاحق عن الحكم السابق أو العمل بالاصول المخالفة له لا يكون إلّا لأجل الشك ، غاية الأمر كون الشيء المشكوك كونه رافعا منشأ للشكّ. والفرق بين الوجهين أنّ الأوّل ناظر إلى عدم الوقوع ، والثاني إلى عدم الإمكان.
وثالثا : سلّمنا أنّ النقض في هذه الصور ليس بالشكّ ، لكنّه ليس نقضا باليقين بالخلاف ، ولا يخفى أنّ ظاهر ما ذكره في ذيل الصحيحة : " ولكن تنقضه بيقين آخر"
______________________________________________________
٢٣٢٤. توضيحه : أنّ المراد بنقض اليقين بالشكّ في الأخبار رفع اليد عن الآثار المرتّبة في حال اليقين ، بترتيب آثار الشكّ من التوقّف أو العمل بأصالة البراءة أو الاشتغال بحسب الموارد. ولا ريب أنّ النقض في صورة الشكّ في مانعيّة ما يشكّ في مانعيّته إنّما هو بهذا الاعتبار. ولا يعقل حينئذ كون النقض فيها مستندا إلى اليقين بوجود ما يشكّ في مانعيّته ، لعدم كون التوقّف أو العمل بالاصول من آثار اليقين بوجوده ، بل من آثار الشكّ في بقاء المتيقّن السابق.
ثمّ إنّ مرجع هذا الإيراد وسابقه إلى منع كون النقض في ما عدا القسم الأوّل من أقسام الشكّ في الرافع باليقين ، بل بالشكّ. ولكنّهما يفترقان بما أشار إليه المصنّف رحمهالله من أنّ الأوّل ناظر إلى عدم الوقوع ، بمعنى منع كون النقض في الواقع فيما عداه باليقين مع قطع النظر عن إمكانه ، وهذا ناظر إلى منع إمكانه ، كما يظهر الوجه فيه ممّا عرفت.
__________________
(*) في بعض النسخ : بدل «شكّ» ، شيء.