وأما القسم الثاني (٢٣٩٣) ، أعني الامور التدريجيّة (*) الغير القارّة ـ كالتكلّم والكتابة والمشي ونبع الماء من العين وسيلان دم الحيض من الرحم ـ فالظاهر جواز إجراء الاستصحاب فيما يمكن أن يفرض فيها أمرا واحدا مستمرّا ، نظير ما ذكرناه
______________________________________________________
كذلك تدلّ على اعتباره في الزمانيّات بطريق اولى ، لأنّه إذا صحّ إجرائه في الزمان فإجراؤه في المنتسب إليه بطريق أولى.
٢٣٩٣. اعلم أنّ الوجه في عدم جريان الاستصحاب في هذا القسم يظهر ممّا تقدّم في وجه عدم جريانه في الأزمان. ومنه يظهر الوجه في عدم جريانه في الأوصاف العارضة للامور التدريجيّة ، كالجهر والإخفات العارضين للقراءة. وكذا الكلام في التوجيه المتقدّم هناك آت هنا أيضا ، بأن يفرض مجموع الجهر أو الإخفات القائم بالقراءة الناشئ من داعي واحد أمرا واحدا ، وبقائه وارتفاعه باعتبار تجدّد جزئه الأخير وعدمه.
وأمّا الحاصل من امور تدريجيّة الحصول ، كالكرّية الحاصلة في ماء تدريجي الحصول ، وكذا القلّة الحاصلة في ماء أخذ منه شيء فشيء ، فإذا فرض الشكّ في بقاء القلّة أو الكثرة ، فاستصحابهما وإن كان فرع بقاء موضوعهما القائمتين به ، وهو مشكوك البقاء ، بل الموجود في الزمان الثاني لم يكن موجودا في السابق على نحو وجوده فيه قطعا ، إلّا أنّه إذا حصلت الكرّية أو القلّة في محلّ ، فموضوعهما الذي قامتا به في نظر أهل العرف أمر واحد لا يتغيّر بالزيادة عليه والنقص منه ، لأجل كون هذا التغيّر عندهم من قبيل تغيّر حالات الموضوع لا تبدّله ، حيث يعدّون الموجود في الزمان الثاني عين الموجود في الزمان السابق وإن لم يكن كذلك في نفس الأمر.
__________________
(*) في بعض النسخ زيادة : الخارجيّة.