من تخيّل جريان استصحاب عدم الأمر الوجودي المتيقّن سابقا ، ومعارضته مع استصحاب وجوده ؛ بزعم أنّ المتيقّن وجود ذلك الأمر في القطعة الاولى من الزمان ، والأصل بقائه ـ عند الشك ـ على العدم الأزليّ الذي لم يعلم انقلابه إلى الوجود إلّا في القطعة السابقة من الزمان. قال في تقريب ما ذكره من تعارض الاستصحابين : إنّه إذا علم أنّ الشارع أمر بالجلوس يوم الجمعة ، وعلم أنّه واجب إلى الزوال ولم يعلم وجوبه فيما بعده ، فنقول : كان عدم التكليف بالجلوس قبل يوم الجمعة وفيه إلى الزوال ، وبعده معلوما قبل ورود أمر الشارع ، وعلم بقاء ذلك العدم قبل يوم الجمعة ، وعلم ارتفاعه والتكليف بالجلوس فيه قبل الزوال ، وصار بعده موضع الشكّ ، فهنا شكّ ويقينان ، وليس إبقاء حكم أحد اليقينين أولى من إبقاء حكم الآخر.
______________________________________________________
وثالثها : أنّ ما ذكره من كون أصالة عدم المانع وعدم جعل الشارع استتار القرص أو الحمّى أو المذي أو الغسل مرّة مانعا ، حاكمة على أصالة عدم التكليف وعدم الطهارة في زمان الشكّ ، لا ينفعه في المقام ، لأنّ عدم مانعيّة الأشياء المذكورة لا تثبت بقاء الحكم السابق إلّا على القول بالاصول المثبتة.
ورابعها : أنّ ما ذكره من تعارض استصحاب الوجود والعدم وتساقطهما فيما كان الشكّ فيه في المانع ، والحكم مع ذلك ببقاء الحكم السابق ، لا لأجل استصحابه ، بل لأجل حكومة أصالة عدم المانع على أصالة عدم الحكم في زمان الشكّ ، فيتفرّع عليه استمرار الحكم السابق في زمان الشكّ على نحو ما قرّره ، مخالف لصريح الأخبار التي هي مستنده في حجّية الاستصحاب ، كقوله عليهالسلام في صحيحة زرارة : «فإنّه على يقين من وضوئه ، ولا ينقض اليقين أبدا بالشكّ» حيث تم شكّ عليهالسلام في بقاء الطهارة باستصحابها لا بعدم المانع ، فلو كان بقاء الحكم السابق مستندا إلى عدم المانع كان عليه عليهالسلام أيضا أن يستند في إثبات الطهارة إلى أصالة عدم تحقّق المانع الذي هو النوم أو عدم مانعيّة الخفقة والخفقتين ، لا إلى أصالة بقاء الطهارة التي هي معنى كونه على يقين من وضوئه. وكذا قوله عليهالسلام في رواية عبد الله