فإن قلت : يحكم ببقاء اليقين المتّصل بالشكّ وهو اليقين بالجلوس. قلنا : إنّ الشكّ في تكليف (٢٣٩٦) ما بعد الزوال حاصل قبل مجيء يوم الجمعة وقت ملاحظة أمر الشارع ، فشكّ في يوم الخميس مثلا حال ورود الأمر في أنّ الجلوس غدا هل هو المكلّف به بعد الزوال أيضا أم لا؟ واليقين المتّصل به (٢٣٩٧) هو عدم
______________________________________________________
بن سنان : «لأنّك أعرته وهو طاهر ، ولم تستيقن أنّه نجّس إيّاه». وبالجملة ، إنّ أمثال هذه الأخبار كما أنّها صريحة فيما ذكرناه ، كذلك صريحة في عدم صلاحيّة استصحاب العدم في محلّ الفرض لمعارضة استصحاب الوجود.
وخامسها : أنّ ذكر مسألة الطهارة والنجاسة في عداد ما تعارض فيه أصلان وكان أحدهما محكوما لأصل ثالث ، ممّا لا وجه له على ما اختاره من جواز استصحاب المتيقّن السابق ، من دون معارضة أصالة العدم في الموضوعات الخارجة ، ولذا قيّد كلامه في تعارض استصحاب الوجود والعدم بقوله : «إذا كان المستصحب من الامور الشرعيّة مطلقا» احترازا عن الموضوعات الخارجة التي لا دخل للشرع فيها كالرطوبة واليبوسة ، كما نبّه عليه المصنّف رحمهالله أيضا ، لأنّ الطهارة والنجاسة من الامور الخارجة والأوصاف الواقعيّة التي لا دخل لجعل الشارع فيها ، غاية الأمر أنّ الشارع قد كشف عنهما في بعض الأشياء ، فقال : هذا طاهر وذاك نجس ، من باب بيان الوصف الواقعي والكشف عنه ، لا جعله واختراعه بهذا البيان. وقد تقدّم استظهاره أيضا من الشهيد عند بيان كون أحكام الوضع مجعولة وعدمه ، فتأمّل.
٢٣٩٦. كأنّ السائل قد اشتبه عليه الفرق بين الشكّ في التكليف الفعلي والشكّ في التكليف المعلّق على وجود زمان ، فإنّ المنفصل عن اليقين بالعدم هو الأوّل دون الثاني لوجوده في زمان اليقين بالعدم أيضا. واستصحاب العدم لا يتوقّف على الأوّل ، إذ يصحّ أن يقال في يوم الخميس : إنّ وجوب الجلوس يوم الجمعة بعد الزوال مشكوك فيه ، فالأصل بقائه على العدم السابق.
٢٣٩٧. ظاهره حصر اليقين المتّصل بالشكّ في اليقين بالعدم ، وهو ليس