بوجوب الجلوس إلى الزوال ـ مهمل بحكم الشارع بإبقاء كلّ حادث لا يعلم مدّة بقائه ، كما لو شكّ قبل حدوث حادث في مدّة بقائه.
والحاصل : أنّ الموجود في الزمان الأوّل ، إن لوحظ مغايرا من حيث القيود المأخوذة فيه الموجود ؛ إذ لا يتصوّر البقاء لذلك الموجود بعد فرض كون الزمان الأوّل من مقوّماته للموجود الثاني ، فيكون الموجود الثاني حادثا مغايرا للحادث الأوّل ، فلا مجال لاستصحاب.
وإن لوحظ متّحدا مع الثاني لا مغايرا له إلّا من حيث ظرفه الزماني ، فلا معنى لاستصحاب عدم ذلك الموجود ؛ لأنّه انقلب إلى الوجود. وكأنّ المتوهّم (٢٤٠٤) ينظر في دعوى جريان استصحاب الوجود إلى كون الموجود أمرا واحدا قابلا للاستمرار بعد زمان الشكّ ، وفي دعوى جريان استصحاب العدم إلى تقطيع وجودات ذلك الموجود وجعل كلّ واحد منها بملاحظة تحققه في زمان مغايرا للآخر ، فيؤخذ بالمتيقّن منها ويحكم على المشكوك منها بالعدم.
وملخّص الكلام في دفعه : أنّ الزمان إن اخذ ظرفا للشيء فلا يجري إلّا استصحاب وجوده ؛ لأنّ العدم انتقض بالوجود المطلق ، وقد حكم عليه بالاستمرار بمقتضى أدلّة الاستصحاب. وإن اخذ قيدا له فلا يجري إلّا استصحاب العدم ؛ لأنّ انتقاض عدم الوجود المقيّد لا يستلزم انتقاض المطلق ، والأصل عدم الانتقاض ، كما إذا ثبت وجوب صوم يوم الجمعة ولم يثبت غيره.
وأمّا ثانيا (٢٤٠٥) : فلأنّ ما ذكره من استصحاب عدم الجعل والسببيّة في
______________________________________________________
الجلوس المتيقّن قبل الزوال ، فهذا الشكّ مهمل ، يعني : ملغى بحكم الشارع بإبقاء كلّ حادث لا يعلم مدّة بقائه لأجل أخبار «لا تنقض». وقوله : «مهمل» خبر «أنّ».
٢٤٠٤. يعني : أنّ المتوهّم في استصحاب الوجود قد لاحظ الزمان ظرفا له ، وفي استصحاب العدم لاحظه قيدا له ، غافلا عن عدم صحّة استصحاب العدم على الأوّل واستصحاب الوجود على الثاني ، كما أوضحه فيما لخّصه من الدفع.
٢٤٠٥. حاصله : أنّ التمسّك بأصالة عدم الجعل والسببية ينافي فرض المورد من قبيل الشكّ في المانع ، لأنّ الشكّ في كيفيّة سببيّة السبب ومقدار اقتضائه من