فيهما إلى شيء واحد ، وهو : أنّ المجعول في حقّ المكلّف في هذه الحالة هو الحدث أو الطهارة. نعم ، يستقيم ذلك فيما إذا كان الشكّ في الموضوع الخارجي أعني وجود المزيل وعدمه ؛ لأنّ الشكّ في كون المكلّف حال الشكّ مجعولا في حقّه الطهارة أو الحدث مسبّب عن الشكّ في تحقّق الرافع ، إلّا أنّ الاستصحاب مع هذا العلم الإجمالي بجعل أحد الأمرين في حقّ المكلّف غير جار.
______________________________________________________
الموجود ، فالشكّ في بقاء العدم السابق ليس مسبّبا عن الشكّ في الرافعية ، بل هما مسبّبان عن سبب آخر ، وهو العلم إجمالا بأنّ المجعول في حقّه الطهارة أو الحدث ، لأنّ المراد بتأثير السبب وعدمه وكذا برافعيّة المذي وعدمه هو التأثير والرفع الفعليّان ، وعدمها كذلك. فالمراد بتأثير السبب كونه محكوما بالطهارة بعد خروج المذي وبرافعيّة المذي كونه محكوما بالحدث كذلك. فالشكّ في التأثير والرفع مسبّب عن العلم الإجمالي بكونه محكوما بأحد الأمرين لا محالة.
نعم ، لو كان الشكّ في وجود الرافع كالشكّ في صدور الحدث بعد الطهارة ، فأصالة عدم المانع وإن كانت حاكمة على أصالة عدم الطهارة ، لكون الشكّ فيها مسبّبا عن الشكّ في وجود المانع ، إلّا أنّ عدم جريان استصحاب الوجود والعدم حينئذ ليس لأجل تعارضهما وتساقطهما ، حتّى يقال بترجيح الاستصحاب الوجودي ـ لأجل حكومة أصالة عدم المانع ـ على أصالة العدم ، بل لأجل أنّ العلم الإجمالي بعد الشكّ في وجود المانع بكون أحد الحكمين ـ أعني : الطهارة والحدث ـ مجعولا في حقّه يمنع جريان الأصلين في المقام.
ويرد عليه : أنّ العلم الإجمالي إنّما يمنع جريان الأصلين إذا لم يكن هنا أصل ثالث حاكم على أحدهما ، ومزيل للشكّ المأخوذ في موضوعه ، وإلّا فلا وجه للمنع ، لانحلال العلم الإجمالي حينئذ إلى علم تفصيلي وشكّ بدوي ، لأنّ أصالة عدم المانع إذا كانت حاكمة على أصالة عدم الطهارة ، يرتفع احتمال عدم الطهارة