.................................................................................................
______________________________________________________
نعم ، لو قطع النظر عن اشتراط بقاء الموضوع في جريان الاستصحاب ، أمكن استصحاب حكم الشرع المستند إلى حكم العقل في صورة اشتباه موضوعه في الخارج ، لأنّ عدم حكم العقل حينئذ لا يستلزم عدم حكم الشرع أيضا في الواقع ، لاحتمال بقاء الموضوع في الواقع ، إذ حكم الشارع في الواقع على موضوع واقعي لا يستلزم علمنا بهذا الموضوع.
ومن هنا يظهر أنّ عدم جريان الاستصحاب في الأحكام العقليّة من وجهين : أحدهما : من جهة عدم فرض الشكّ فيها مطلقا. والآخر : عدم العلم ببقاء الموضوع في أكثر مواردها ، كما تقدّم في الحاشية السابقة. وفي الأحكام الشرعيّة المستندة إليها من وجه واحد ، وهو عدم العلم ببقاء الموضوع.
وثانيهما : الأحكام الشرعيّة الثابتة بطريق شرعيّ لا عقلي. وهو أيضا على قسمين : أحدهما : ما لا مسرح للعقل فيها أصلا ، كجميع الأحكام التعبّدية. والآخر : ما ثبت بطريق شرعيّ في مورد حكم العقل ، كالوديعة التي ثبت وجوب ردّها عقلا وكتابا وسنّة.
والأوّل لا إشكال في جريان الاستصحاب فيها عند عروض ما يشك في بقائها معه. وأمّا الثاني فهو أيضا كذلك على التحقيق. وتوضيحه : أنّ موضوع الحكم هو ما يتقوّم به الحكم ويستند إليه ، وهي علّته التامّة ، لوضوح عدم قيامه بغيرها ، فموضوعات جميع الأحكام الشرعيّة هي عللها التامّة. ومقتضاه عدم جريان الاستصحاب في شيء منها ، لوضوح أنّ الشكّ في بقائها لا بدّ أن يكون لأجل الشكّ في ارتفاع بعض أجزاء العلّة ، وإلّا فلا يعقل الشكّ في المعلول مع القطع بعلّته التامّة. وحينئذ لا بدّ أن يكون الشكّ في بقاء الحكم الشرعيّ من جهة الشكّ في موضوعه ، وقد عرفت عدم جريان الاستصحاب مع الشكّ في بقاء الموضوع.