.................................................................................................
______________________________________________________
وهذا هو الإشكال الذي أشار المصنّف رحمهالله في الأمر السابق عند بيان جريان الاستصحاب فيما أخذ الزمان قيدا له ، وأوضحه عند بيان القول السابع في المسألة مع جوابه. وأشار هنا أيضا إلى جوابه بقوله : «وحكم بأنّ موضوعه أعمّ من موضوع حكم العقل».
وأقول في توضيحه : إنّ موضوعات الأحكام الواقعيّة على ما هي عليه في الواقع وإن كانت عللها التامّة ، إلّا أنّ الأحكام الثابتة في الكتاب والسنّة لا تدور مدار تلك الموضوعات ، بل على موضوعاتها التي ثبتت عليها في الكتاب والسنّة ، وإن لم تكن عللا لها في الواقع. والمدار في جريان الاستصحاب على بقاء هذه الموضوعات الواقعيّة المذكورة ، وإلّا لم تجر الاستصحاب في موارده أصلا ، كما عرفته في تقرير الإشكال. والمدار في جريان الاستصحاب إنّما هو على بقاء هذه الموضوعات ، إمّا على النحو الذي ثبتت في الأدلّة أو بحسب العرف كما سيجيء. والشكّ في بقاء الحكم لا يستلزم الشكّ في بقاء هذه الموضوعات ، لأنّ الشكّ قد ينشأ من احتمال عروض المانع ، وقد ينشأ من انتفاء بعض القيود التي لا يعدّ انتفائه تغيّرا في الموضوع عرفا.
وممّا ذكرناه يظهر الوجه فيما ذكره المصنّف رحمهالله من كون موضوع الحكم الشرعيّ أعمّ من موضوع حكم العقل. وعليه يبتنى ما أشار إليه المصنّف رحمهالله من صحّة استصحاب الحكم الشرعيّ في مورد اجتماعه مع حكم العقل ، لما عرفت من عدم استلزام بقائه لبقاء موضوع حكم العقل ، لكون موضوعه أعمّ من موضوعه. فإذا حكم العقل بعدم التكليف على الصبيّ أو المجنون ، لعدم تمييزهما ، وكذا حكم الشرع عليهما بذلك ، إلّا أنّه لم يعلم كون ذلك لأجل عدم التمييز أو لعنوان آخر مجهول لنا ، وكان الموضوع في الأدلّة نفس الصبيّ والمجنون ، فإذا زالت عنهما حالة عدم التمييز وارتفع بذلك حكم العقل ، فإذا شكّ في ارتفاع حكم الشرع أيضا ،