هذا حال نفس الحكم العقلي. وأمّا موضوعه ـ كالضرر المشكوك بقائه في المثال المتقدّم ـ فالذي ينبغي أن يقال فيه : إنّ الاستصحاب إن اعتبر من باب الظنّ عمل به هنا ؛ لأنّه يظنّ الضرر بالاستصحاب ، فيحمل عليه الحكم العقلي (٢٤١١) إن كان موضوعه أعمّ من القطع والظنّ ، كما في مثال الضرر.
______________________________________________________
لاحتمال كون مناط حكم الشرع أيضا هو عدم التمييز ، صحّ استصحابه ما بقي عنوان الصبا والجنون ، لفرض كونهما الموضوع في الأدلّة ، فيكون موضوع حكم الشرع أعمّ من موضوع حكم العقل.
فإن قلت : إنّ موضوع حكم الشرع إن كان أعمّ من موضوع حكم العقل في الأحكام الشرعيّة غير المستندة إلى الأحكام العقليّة ، لزم عدم التطابق بينهما ، إذ مقتضى التطابق وصدق الملازمة بين حكم الشرع والعقل هو اعتبار اتّحاد موضوع الحكمين ، وكون حكم العقل على الموضوع الذي حكم عليه الشرع ، لوضوح عدم صدق التطابق مع تغاير الموضوعين.
قلت : يكفي في صدق التطابق اتّحاد موضوعهما ، بمعنى اشتمال موضوع حكم الشرع على موضوع حكم العقل ، بأن لم يكن خارجا منه ، وأمّا اتّحادهما بمعنى العينيّة فلا ، كيف لا ولو كان كذلك لم يجر الاستصحاب في الأحكام الشرعيّة من رأس ، لما تقدّم من أنّ موضوع حكم العقل هي العلل التامّة ، فلو كانت موضوعات الأحكام التعبّدية أيضا كذلك ـ كما هي قضيّة العينيّة ـ كان الشكّ في بقائها دائما مستندا إلى الشكّ في ارتفاع موضوعها ، كما عرفته في تقريب الإشكال في جريانه في الأحكام العقليّة ، فتلغو حينئذ الأخبار الواردة في عدم جواز نقض اليقين بالشكّ ، فلا بدّ أن يكون المراد بالتطابق الذي اتّفقت العدليّة عليه ما ذكرناه.
٢٤١١. ليس المقصود به استصحاب الحكم العقلي بواسطة استصحاب موضوعه ، بل المراد به استقلال العقل بالحكم في الموضوع المستصحب إن كان موضوعه أعمّ من القطع والظنّ.