ويظهر حال المثالين (٢٤١٥) الأوّلين مما ذكرنا سابقا. وأمّا المثال الثالث ، فلم يتصوّر فيه الشك (٢٤١٦) في بقاء شرطية العلم للتكليف في زمان. نعم ، ربّما يستصحب التكليف (٢٤١٧) فيما كان المكلّف به معلوما بالتفصيل ثمّ اشتبه وصار
______________________________________________________
٢٤١٥. لأنّ موضوع حكم العقل بالحرمة هو التصرّف المقيّد بعدم الخوف والاضطرار ، وقد زال بعروضهما. وإن فرض كونه أعمّ منهما يستقلّ العقل بحكمه في الزمان الثاني أيضا كالزمان الأوّل ، لفرض بقاء موضوعه. وعلى التقديرين لا مجرى للاستصحاب.
٢٤١٦. لأنّ شرط تنجّز التكليف إن كان هو حصول العلم به تفصيلا ، فالشرطيّة باقية مع عروض الانسداد أيضا ، وإن كان ذلك بتقصير من المكلّف ، لأنّ انتفاء الشرط لا يقضي بانتفاء الشرطيّة ، ومقتضاه ارتفاع التكليف في صورة الانسداد مطلقا. وإن كان هو العلم به في الجملة وإن كان إجماليّا مطلقا ، سواء حصل الانسداد بسبب من المكلّف أم لا ، فالتكليف باق مطلقا. وإن كان مشروطا بعدم تسبّب المكلّف للانسداد ، فالتكليف باق مع التسبّب لا بدونه. وعلى كلّ تقدير ، لا يفرض إجمال في حكم العقل حتّى يكون موردا للاستصحاب.
٢٤١٧. يعني : إذا كان التكليف معلوما بالتفصيل ، واشتبه بعض مصاديق المكلّف به في الخارج ، فبعد الإتيان ببعض محتملاته يستصحب التكليف المعلوم الثابت قبل الإتيان ببعض محتملاته ، كما في مثال القبلة المردّدة بين الجوانب الأربعة ، وفي مثال الإنائين المشتبهين ، فإذا صلّى إلى بعض الجوانب أو شرب أحد الإنائين يستصحب التكليف المعلوم الثابت قبل الإتيان ببعض المحتملات. وهذا هو المراد بالعبارة ، لا ما هو ظاهرها من الاستصحاب فيما كان التكليف معلوما بالتفصيل ثمّ صار معلوما بالإجمال ، لأنّ ما ذكرناه هو الذي نبّه عليه المصنّف رحمهالله في آخر هذا التنبيه.