فإن قلت : إنّ اختصاص هذه المسألة بالمجتهد ؛ لأجل أنّ موضوعها ـ وهو الشكّ في الحكم الشرعيّ وعدم قيام الدليل الاجتهادي عليه ـ لا يتشخّص إلّا للمجتهد ، وإلّا فمضمونه وهو العمل على طبق الحالة السابقة وترتيب آثارها ، مشترك بين المجتهد والمقلّد.
قلت : جميع المسائل (٢٠٣٤) الاصوليّة كذلك ؛ لأنّ وجوب العمل بخبر الواحد وترتيب آثار الصدق عليه ليس مختصّا بالمجتهد. نعم ، تشخيص مجرى خبر الواحد وتعيين مدلوله وتحصيل شروط العمل به مختصّ بالمجتهد ؛ لتمكّنه من ذلك وعجز المقلّد عنه ، فكأنّ المجتهد نائب عن المقلّد في تحصيل مقدّمات العمل بالأدلّة الاجتهاديّة وتشخيص مجاري الاصول العمليّة ، وإلّا فحكم الله الشرعيّ في الاصول والفروع مشترك بين المجتهد والمقلّد ، هذا.
وقد جعل بعض السادة (٢٠٣٥) الفحول الاستصحاب دليلا على الحكم في
______________________________________________________
ظاهرهم الاتّفاق على عدم وجوب الفحص في إجراء الاصول في الشبهات الموضوعيّة ، ولازمه جواز إجراء المقلّد لها بعد أخذ فتوى جواز الأخذ بها من المجتهد ، إلّا أنّ تشخيص موارد سلامتها عن الاصول الحاكمة عليها ليس وظيفة كلّ أحد ، فلا بدّ إمّا من قدرة المقلّد على تشخيص الحاكم من الاصول على غيره منها ، وإمّا من أخذ خصوصيّات الاصول السليمة عن الحاكم من المجتهد ، وإلّا فربّما يلتفت إلى الاستصحاب المحكوم من دون التفات إلى الاستصحاب الحاكم. وهذا يرجع في الحقيقة إلى تشخيص الحكم الشرعيّ ، نظير تشخيص حجّية أصل الاستصحاب وعدمها» انتهى.
٢٠٣٤. حاصله : أنّ اختصاص العمل بالمسائل الاصوليّة بالمجتهد ليس من جهة أخذ الاجتهاد في موضوعها ، بل من جهة عدم تحقّق موضوعها وعدم اجتماع شرائط العمل بها إلّا في المجتهد ، بخلاف المسائل الفقهيّة.
٢٠٣٥. هو العلّامة الطباطبائي في فوائده قال : «استصحاب الحكم المخالف في شيء دليل شرعيّ رافع لحكم الأصل ، مخصّص لعمومات الحلّ ، كاستصحاب