مورده ، وجعل قولهم عليهمالسلام : " لا تنقض اليقين بالشكّ" دليلا على الدليل ـ نظير آية النبأ بالنسبة إلى خبر الواحد ـ حيث قال : إنّ استصحاب الحكم المخالف للأصل في شيء ، دليل شرعيّ رافع لحكم الأصل ومخصّص لعمومات الحلّ ـ إلى أن قال في آخر كلام له سيأتي نقله ـ : وليس عموم قولهم عليهمالسلام : " لا تنقض اليقين بالشكّ" بالقياس إلى أفراد الاستصحاب وجزئيّاته ، إلّا كعموم آية النبأ بالقياس إلى آحاد الأخبار المعتبرة (٨) ، انتهى.
______________________________________________________
حكم العنب ، فإنّ الأصل قد انتقض فيه بالإجماع والنصوص الدالّة على تحريمه بالغليان ، وعمومات الكتاب والسنّة قد تخصّصت بهما قطعا. وحينئذ فينعكس الأصل في الزبيب ، ويكون الحكم فيه بقاء التحريم الثابت له قبل الزبيبية بمقتضى الاستصحاب ، فلا يرتفع إلّا مع العلم بزواله ، والخاصّ وإن كان استصحابا مقدّم على العامّ وإن كان كتابا ، كما حقّق في محلّه. وأمّا استصحاب الحلّ فغايته الحلّية بالفعل ، وهي لا تنافي التحريم بالقوّة. والحلّ المنجّز يرتفع بحصول شرائط التحريم المعلّق.
فإن قيل : مرجع الاستصحاب إلى ما ورد في النصوص من عدم جواز نقض اليقين بالشكّ ، وهذا عامّ لا خاصّ.
قلنا : الاستصحاب في كلّ شيء ليس إلّا بقاء الحكم الثابت له ، وهذا المعنى خاصّ بذلك الشيء لا يتعدّاه إلى غيره. وعدم نقض اليقين بالشكّ وإن كان عامّا ، إلّا أنّه واقع في طريق الاستصحاب ، وليس نفس الاستصحاب المستدلّ به. والعبرة في العموم والخصوص بنفس الأدلّة لا بنفس أدلّة الأدلّة ، وإلّا لزم أن لا يوجد في الأدلّة الشرعيّة دليل خاصّ أصلا ، إذ كلّ دليل ينتهي إلى أدلّة عامّة هي دليل حجّيته. وليس عموم قولهم : «لا تنقض اليقين بالشكّ» بالقياس إلى أفراد الاستصحاب وجزئيّاته إلّا كعموم قوله تعالى : (إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ) بالقياس إلى آحاد الأخبار المرويّة ، وكما أنّ ذلك لا ينافي كون الخبر خاصّا إذا اختصّ مورده