فيه العلم بالتكليف الواقعي آناً ما. نعم ، يجري استصحاب عدم فعل الواجب الواقعي وعدم سقوطه عنه ، لكنّه لا يقضي بوجوب الإتيان بالصلاة مع السورة والصلاة إلى الجهة الباقية واجتناب المشتبه الباقي ، بل يقضي بوجوب تحصيل البراءة من الواقع. لكن مجرّد ذلك لا يثبت وجوب الإتيان بما يقتضي اليقين بالبراءة إلّا على القول بالأصل المثبت أو بضميمة حكم العقل بوجوب تحصيل اليقين ، والأوّل لا نقول به ، والثاني بعينه موجود في محل الشك من دون الاستصحاب.
الأمر الرابع : قد يطلق على بعض الاستصحابات : الاستصحاب التقديريّ تارة والتعليقي اخرى ، باعتبار كون القضيّة المستصحبة (٢٤٢١) قضيّة تعليقية حكم فيها بوجود حكم على تقدير وجود آخر ، فربّما يتوهم لأجل ذلك الإشكال في اعتباره ، بل منعه والرجوع فيه إلى استصحاب مخالف له.
______________________________________________________
ولا تنافي بين ما ذكره هنا من منع جريان استصحاب البراءة ، وبين ما تقدّم في توجيه كلمات القوم في تفسير استصحاب حال العقل باستصحاب العدم من تسليم ذلك هناك ، لأنّ المراد بما ذكره هنا هو استصحاب البراءة ، وبما ذكره هناك استصحاب العدم. ومقصوده ثمّة بيان عدم المانع من حيث كون المستصحب أمرا عقليّا مع قطع النظر عن سائر الموانع ، فلا ينافي تسليمه هناك ما أورد على استصحاب العدم ، هنا فلا تغفل.
٢٤٢١. حاصله : أنّ الاستصحاب التعليقي ما كان الحكم المستصحب فيه متعلّقا بموضوع على تقدير وجود شرط مفقود أو فقد مانع موجود ، وشكّ في ارتفاع هذا الحكم المعلّق على نحو تعلّقه به وعدمه بسبب تغيّر بعض حالات الموضوع ، كصيرورة العنب زبيبا في المثال الذي ذكره المصنّف رحمهالله. ومن جملة أمثلته أيضا أنّ الصلاة واجبة على المرأة الخالية من الحيض بشرط دخول الوقت فإذا دخل الوقت ، ورأت دما مشتبها مردّدا بين الحيض والاستحاضة ، يستصحب الوجوب المعلّق لإثبات كون الدم استحاضة. وهذا المعنى هو المعروف في الاستصحاب التعليقي.