قال في المناهل في ردّ تمسك السيّد العلّامة الطباطبائي على حرمة العصير من الزبيب إذا غلا بالاستصحاب ودعوى تقديمه على استصحاب الإباحة : إنّه يشترط في حجّية الاستصحاب ثبوت أمر أو حكم وضعيّ أو تكليفيّ في زمان من الأزمنة قطعا ، ثمّ يحصل الشكّ في ارتفاعه بسبب من الأسباب ، ولا يكفي مجرّد قابليّة الثبوت باعتبار من الاعتبارات ، فالاستصحاب التقديري باطل ، وقد صرّح بذلك الوالد العلّامة قدسسره في أثناء الدرس ، فلا وجه للتمسّك باستصحاب التحريم في المسألة (١١). انتهى كلامه ، رفع مقامه.
أقول : لا إشكال في أنّه يعتبر (٢٤٢٢) في الاستصحاب تحقّق المستصحب سابقا ، والشكّ في ارتفاع ذلك المحقّق ، ولا إشكال أيضا في عدم اعتبار أزيد من ذلك. ومن المعلوم أنّ تحقّق كلّ شيء بحسبه ، فإذا قلنا : العنب يحرم مائه إذا غلا أو بسبب
______________________________________________________
السابق لعدم موضوعه ، لعدم عدّ مثله من التعليقيّات في شيء.
٢٤٢٢. حاصل ما ذكره يرجع إلى جوابين :
أحدهما : منع كون المعتبر في جريان الاستصحاب وجود المستصحب في الزمان السابق بالوجود الفعلي المنجّز ، لأنّ غاية ما يدلّ عليه الأدلّة من العقل والنقل هو وجود شيء في السابق على نحو من أنحاء الوجود ، وشكّ في بقائه على نحو وجوده الأوّل ، وحينئذ يحكم ببقائه في زمان الشكّ على نحو وجوده الأوّل. ولا ريب أنّ الوجود التعليقي ـ أعني : قابليّة الشيء للوجود الفعلي وصلاحيّته له ـ قسم من أنحاء الوجود في مقابل عدمه المحض ، ولذا ترى أن التعليقيّات التكليفية أو الوضعيّة تحتاج في وجودها التعليقي إلى إنشاء من الحاكم ، فإذا قال المولى لعبده : إن جاءك زيد فأكرمه ، أو بعتك هذا بهذا إن كان مالي ، فهو منشأ للوجوب المعلّق على المجيء ، وكذا التمليك المعلّق على كون المبيع ماله ، وإن وقع التعليق في المنشأ.
وبعبارة اخرى : إنّ التعليق إنّما هو في الأمر المنشأ لا في نفس الإنشاء. وتوهّم خلافه واضح الضعف. واحتياج الوجود المعلّق إلى الإنشاء دليل على كونه من قبيل الموجودات.