بحكم الاستصحاب لازمه ، وقد يقع الشكّ (٢٤٢٧) في وجود الملزوم في الآن اللاحق ؛ لعدم تعيّنه واحتمال مدخليّة شيء في تأثير ما يتراءى أنّه ملزوم.
الأمر الخامس : أنّه لا فرق في المستصحب بين أن يكون حكما ثابتا في هذه الشريعة أم حكما من أحكام الشريعة السابقة (٢٤٢٨) ؛ إذ المقتضي موجود وهو جريان
______________________________________________________
٢٤٢٧. كما إذا غلى العصير بنفسه أو بالشمس ، وشكّ في اشتراط كون الغليان بالنار في الحرمة وحينئذ لا بدّ في الحكم ، بترتّب اللازم على ملزومه فعلا من إثبات وجود الملزوم في الخارج.
٢٤٢٨. لا يخفى أنّ طريق ثبوت الحكم في الشريعة السابقة حتّى يكون موردا للاستصحاب ، إمّا الكتاب أو الخبر المتواتر أو الآحاد ، بناء على شمول أدلّة اعتبارها لإثبات اعتبارها بالنسبة إلى إثبات أحكام الشرائع السابقة ، وعدم انصراف إطلاقها إلى إثبات أحكام شرعنا. وأمّا سائر الكتب السماويّة من الإنجيل والتوراة والزبور فلا اعتداد بها اليوم ، لدسّهم فيها ما ليس منها ، وتحريفهم لها عمّا نزلت عليه. وأمّا أخبار اليهود والنصارى فلا يفيد العلم. ولا اعتداد بالظنّ ، مع أنّه لا يفيده أيضا.
ثمّ إنّ محلّ الكلام إنّما هو ما لم يثبت بقائه أو ارتفاعه في شرعنا ، وإلّا لم يكن موردا للاستصحاب ، وهو واضح. فلو كان الخطاب المثبت للحكم في الشريعة السابقة شاملا بعمومه لشرعنا أيضا لم يكن من محلّ النزاع في شيء ، كما إذا ورد الخطاب لا لمجرّد الحكاية عن الشريعة السابقة ، بل في مقام مدح الفعل وحسنه بالذات الكاشف عن حسنه مطلقا حتّى في شرعنا ، كما مدح الله تعالى يحيى بترك التزويج في قوله إنّه كان (سَيِّداً وَحَصُوراً وَنَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ). قيل : الحصور من لم يأت النساء. ومن هنا يظهر أنّ ما يتوهّم في المقام من تثليث الأقوال في المسألة : القول بالموجب مطلقا ، والنفي كذلك ، والتفصيل بين ما كان الخطاب عامّا لشرعنا أيضا وعدمه ، بالقول باعتبار الاستصحاب في الأوّل دون الثاني ،