.................................................................................................
______________________________________________________
لكونه سببا لتعارضه بمثله على المسلكين في الشبهة المحصورة.
وحاصل ما أجاب به يرجع إلى وجهين :
أحدهما : منع وجود العلم بالنسخ في غير المعلوم نسخه تفصيلا ، لأنّ هذا العلم الإجمالي إنّما هو قبل مراجعة الأدلّة وتمييز الناسخ من أحكام شرعنا لأحكام الشريعة السابقة ، وإلّا فبعد المراجعة إليها وتمييز الناسخ منها لا يبقى لنا علم بالناسخ في المشكوكات ، نظير أنّا قد علمنا إجمالا بورود المخصّص على العمومات ، ولكن هذا العلم الإجمالي إنّما هو قبل الفحص عن مظانّ المخصّص ، وإلّا فبعد الفحص عنه والاطّلاع على جملة من المخصّصات ، وحصول العلم بعدم ورود المخصّص على جملة اخرى من العمومات ، لا يبقى علم إجمالي بوجود المخصّص في المشكوكات. فكما أنّ العلم الإجمالي هنا إنّما هو قبل الفحص ، وإلّا فهو بعده ينحلّ إلى علم تفصيلي وشكّ بدوي ، كذلك فيما نحن فيه.
ولكنّك خبير بأنّ هذه الدعوى إنّما تتمّ لو حصل العلم بأحكام الشريعة السابقة ، حتّى يعرف بذلك الناسخ من أحكامنا لأحكامها ، ولكن سبيل العلم بذلك منسدّ غالبا في أمثال زماننا ، لعدم الاعتداد بالكتب السماويّة المنزّلة في سائر الشرائع في أمثال زماننا ، لما أشرنا إليه سابقا من وقوع التحريف فيها ، ولا اعتداد بأخبار اليهود والنصارى وغيرهم من أهل سائر الملل ، وما ورد من طرق شرعنا من أحكام سائر الشرائع المخالفة لأحكام شرعنا قليل جدّا لا يرتفع به العلم الإجمالي. ومن هنا يظهر أيضا أنّ قياس ما نحن فيه على مسألة الفحص عن المخصّص قياس مع الفارق.
وثانيهما : مع التسليم أنّ من مشكوكات النسخ ما علم حكمه في شرعنا موافقا أو مخالفا بالأدلّة الشرعيّة. وأمّا الباقي منها فليس فيه علم إجمالي بوجود الناسخ فيه حتّى يمنع من جريان الاستصحاب فيه.