النسوان ، فيمكن أن يرجّح في شريعتنا التعفّف على التزويج. وفيه : أنّ الآية لا تدلّ (٢٤٤٨) إلّا على حسن هذه الصفة لما فيها من المصالح والتخلّص عمّا يترتّب عليه ، ولا دليل فيها على رجحان هذه الصفة على صفة اخرى ، أعني : المباشرة لبعض المصالح الاخرويّة ؛ فإنّ مدح زيد بكونه صائم النهار متهجّدا لا يدلّ على رجحان هاتين الصفتين على الإفطار في النهار وترك التهجّد في الليل للاشتغال بما هو أهمّ منهما. ومنها : قوله تعالى : (وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثاً فَاضْرِبْ بِهِ ...) دلّ على جواز بر اليمين على ضرب المستحقّ مائة بالضرب بالضّغث. وفيه : ما لا يخفى (٢٤٤٩).
ومنها : قوله تعالى : (أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ ...) (٢٠). استدلّ بها في حكم من قلع عين ذي العين الواحدة.
ومنها : قوله تعالى حكاية عن شعيب عليهالسلام : (إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَ
______________________________________________________
٢٤٤٨. حاصله : أنّ حسن ترك التزويج ليس ذاتيّا ، بل باعتبار ما يترتّب عليه من المصالح ، كالاستعانة به في العبادة ونحوها. ولعلّ مدح يحيى أيضا إنّما هو بهذا الاعتبار فلا تدلّ على حسنه إذا انضمّت إلى التزويج صفة اخرى راجحة على صفة تركه.
٢٤٤٩. لعلّ الوجه فيه احتمال كون هذا الحكم المخالف للقاعدة من خواص أيّوب عليهالسلام ، فلا يصحّ استصحابه إلى هذه الشريعة.
وأمّا مخالفته للقاعدة ، فإنّ مقتضاها أنّه مع الحلف على ضرب أحد مائة أن لا يحصل البرّ إلّا بالضرب بمثل السوط أو الخشبة بالعدد المذكور ، لا بمثل الضغث ضربة واحدة ، لعدم انصراف الضرب مائة إلى مثله ، فلعلّ الله تعالى قد ترحّم على امرأة أيّوب عليهالسلام ، فرخّصه في ذلك بدلا عمّا يحصل به البرّ حقيقة ، كما ثبت مثله في حدود المرضى ، وورد به النصّ أيضا ، وأفتى به المحقّق في اليمين أيضا مع الاضطرار ، كالخوف على تلف النفس ، بل الشيخ مطلقا في المبسوط والتبيان والخلاف ، مدّعيا في صريح الأخير وظاهر الأوّلين الإجماع عليه ، والمسألة مقرّرة في محلّها.