.................................................................................................
______________________________________________________
وحكم التنجيس إنّما ثبت على الأوّل دون الثاني ، لأنّه المتيقّن من الأدلّة. ووجه الفساد بعد ما عرفت من قضيّة التنزيل واضح ولا اختصاص له بالاستصحاب ، بل يجري في جميع التنزيلات الشرعيّة ، كقوله عليهالسلام : «الطواف في البيت صلاة» وتنزيل ما قامت البيّنة عليه منزلة الواقع المعلوم ، وهكذا.
فإن قلت : على ما ذكرت من أنّ المستصحب إن كان حكما شرعيّا فمعنى عدم نقضه بالشكّ جعل نفسه في مقام الشكّ ، وإن كان من الموضوعات الشرعيّة فمعنى عدم نقضه جعل آثاره الشرعيّة في مقام الشكّ ، لزم استعمال اللفظ في معنيين ، لاختلافهما جدّا.
قلت : لا اختلاف بين نفس المعنيين ، لأنّ الاختلاف إنّما نشأ من اختلاف متعلّق الفعل ـ أعني : النقض ـ لأنّ نقض المتيقّن كلّي ، فإن كان المتيقّن من الأحكام فمعنى عدم جواز نقضه وجوب البناء في زمان الشكّ ، على وجوده ، وإن كان من الموضوعات فمعناه وجوب البناء على ترتيب آثاره الشرعيّة في زمان الشكّ ، فاختلاف هذا المعنى الكلّي بحسب اختلاف موارده ومتعلّقاته لا يوجب اختلاف هذا المعنى الكلّي في نفسه.
وممّا ذكرناه قد ظهر أن المستصحب إن كان من الموضوعات الخارجة فالثابت به هو الآثار الشرعيّة المرتّبة عليه في حال اليقين ، لا الآثار العقليّة والعادّية ، لعدم قابليّتها للجعل ، ولا الآثار الشرعيّة المرتّبة على تلك الآثار ، لأنّها ليست آثار نفس المتيقّن ، ولم يقع ذوها أيضا موردا للاستصحاب.
ثمّ المراد بالآثار الشرعيّة ما كان مرتّبا على المستصحب في نظر الشارع ، سواء كان هنا ترتّب حقيقي ، كترتّب المسبّبات على أسبابها الشرعيّة ، أم لم يكن هنا ترتّب في الواقع بل في نظر الشارع ، كترتّب المشروط على شرطه ، إذ لا ترتّب بينهما في الحقيقة ، وإن كان وجوده موقوفا عليه ، وكان عدما عند عدمه ، إلّا أنّ