إنّما يفيد ترتيب الأحكام والآثار الشرعيّة المحمولة على المتيقن السابق ، فلا دلالة فيها على جعل غيرها من الآثار العقليّة والعادّية ؛ لعدم قابليّتها للجعل ، ولا على جعل الآثار الشرعيّة المترتّبة على تلك الآثار ؛ لأنّها ليست آثارا لنفس المتيقّن ، ولم يقع ذوها موردا لتنزيل الشارع حتّى تترتّب هي عليه.
إذا عرفت هذا فنقول : إنّ المستصحب إمّا أن يكون حكما من الأحكام الشرعيّة المجعولة كالوجوب والتحريم والإباحة وغيرها ، وإمّا أن يكون من غير المجعولات ، كالموضوعات الخارجيّة واللغويّة ، فإن كان من الأحكام الشرعيّة فالمجعول في زمان الشكّ حكم ظاهري مساو للمتيقّن السابق في جميع ما يترتّب عليه ؛ لأنّه مفاد وجوب ترتيب آثار المتيقّن السابق ووجوب المضيّ عليه والعمل به.
وإن كان من غيرها فالمجعول في زمان الشكّ هي لوازمه الشرعيّة ، دون العقليّة (٢٤٥٢) والعادّية ، ودون ملزومه شرعيّا كان أو غيره ، ودون ما هو ملازم معه لملزوم ثالث. ولعلّ هذا هو المراد بما اشتهر على ألسنة أهل العصر من نفي الاصول المثبتة ، فيريدون به : أنّ الأصل لا يثبت أمرا في الخارج حتّى يترتّب عليه حكمه الشرعيّ ، بل مؤدّاه أمر الشارع بالعمل على طبق مجراه شرعا.
فإن قلت : الظاهر من الأخبار وجوب أن يعمل الشاكّ عمل المتيقّن ، بأن يفرض نفسه متيقّنا ويعمل كلّ عمل ينشأ من تيقّنه بذلك المشكوك ، سواء كان ترتّبه عليه
______________________________________________________
هذا في معنى الترتّب والتفرّع في نظر الشارع ، وهذا مستفاد من الشرع ، ولذا يحكم بصحّة الصلاة فتوى ونصّا باستصحاب الطهارة. وستقف على تتمّة الكلام في أقسام اللوازم وغيرها وأحكامها في الحواشي الآتية.
٢٤٥٢. اعلم أنّ المستصحب إذا كان من الموضوعات ، قد يكون مقارنا بامور بحيث لو حصل القطع بوجوده في زمان الشكّ حصل القطع بوجودها حينئذ أيضا. وهذه الامور لا تخلو : إمّا أن تكون من لوازم المستصحب ، أو ملزومة له ، أو يكونا لازمين لملزوم ثالث ، أو مقارنة له في الوجود من باب الاتّفاق من دون علاقة