.................................................................................................
______________________________________________________
وثانيهما : إثبات اللوازم العقليّة أو العاديّة بإثبات ملزوماتها. وأمّا باقي الأقسام فيظهر الكلام فيه ممّا نذكره وذكره المصنّف رحمهالله.
أمّا المقام الأوّل ، فأمّا إثبات الملزوم بإثبات لازمه فالحقّ عدم جوازه وإن كانت الملازمة شرعيّة ، لما عرفت في الحاشية السابقة أنّ المراد بعدم جواز نقض اليقين بالشكّ في الموضوعات بدلالة الاقتضاء هو ترتيب آثارها الشرعيّة المرتّبة عليها ، والملزوم ليس بمرتّب على لازمه ، بل الأمر بالعكس. ومن هنا يظهر عدم جواز إثبات الملزوم العقلي والعادّي بإثبات لازمهما بطريق أولى. ومن عدم ثبوت الملزومات يظهر الوجه في عدم ثبوت أحد اللازمين بلازم آخر ، لعدم الترتّب بينهما أيضا ، بل هذا أولى بعدم الثبوت ، لعدم المناسبة بين اللازمين ، لأنّ مرجعهما إلى المقارنة الاتّفاقية ، بخلاف اللازم والملزوم ، لأنّ الملزوم وإن لم يترتّب على لازمه إلّا أنّ بينهما مناسبة كما لا يخفى. ومن عدم ثبوت أحد اللازمين باللازم الآخر يظهر الوجه في عدم ثبوت أحد المتقارنين بإثبات مقارنه الآخر ، بل بطريق أولى ، لاشتراك الملازمين في الملازمة لملزوم ثالث ، وبهذا الاعتبار تتحقّق المناسبة بينهما في الجملة ، بخلاف المتقارنين.
وأمّا المقام الثاني ، وهذا هو الذي اشتهر في لسان مقاربي زماننا بالاصول المثبتة ، ويعنون بها إثبات الأحكام الشرعيّة بواسطة إثبات اللوازم العقليّة أو العادّية للمستصحب ، كإثبات طهارة الثوب الواقع في ماء مشكوك الكرّية ، لأنّ استصحاب الكرّية يلازم عقلا لملاقاة الثوب النجس للكرّ ، ويترتّب عليها حصول الطهارة للثوب. واشتهر بينهم عدم حجّيتها من دون خلاف يعرف ، بل يظهر من صاحب الفصول عدم الخلاف فيه قديما وحديثا ، قال : «ولم أقف في المسألة على من يصرّح بالخلاف ، فلعلّه موضع وفاق ، وهو الأظهر» انتهى. ولكنّهم اختلفوا في علّة الحكم كما سنشير إليه.