مع أنّ تنجّسه ليس من أحكام ملاقاته للنجس رطبا ، بل من أحكام سراية رطوبة النجاسة إليه وتأثّره بها ، بحيث يوجد في الثوب رطوبة متنجّسة ، ومن المعلوم أنّ استصحاب رطوبة النجس الراجع إلى بقاء جزء مائيّ قابل للتأثير لا يثبت تأثّر الثوب وتنجّسه بها ، فهو أشبه مثال بمسألة بقاء الماء في الحوض المثبت لانغسال الثوب به.
وحكى في الذكرى عن المحقّق تعليل الحكم بطهارة الثوب الذي طارت الذبابة عن النجاسة إليه بعدم الجزم ببقاء رطوبة الذبابة ، وارتضاه. فيحتمل أن يكون لعدم إثبات الاستصحاب لوصول الرطوبة إلى الثوب كما ذكرنا ، ويحتمل أن يكون لمعارضته باستصحاب طهارة الثوب إغماضا عن قاعدة حكومة بعض الاستصحابات على بعض كما يظهر من المحقّق ، حيث عارض استصحاب طهارة الشاكّ في الحدث باستصحاب اشتغال ذمّته (*).
ومنها : أصالة عدم دخول هلال شوال في يوم الشكّ ، المثبت لكون غده يوم العيد ، فيترتّب عليه أحكام العيد من الصلاة والغسل وغيرهما. فإنّ مجرّد عدم الهلال (٢٤٧٤) في يوم لا يثبت آخريّته (**) ، ولا أوليّة غده للشهر اللاحق ، لكنّ العرف لا يفهمون من وجوب ترتيب آثار عدم انقضاء رمضان وعدم دخول شوّال إلّا ترتيب أحكام آخريّة ذلك اليوم لشهر وأوليّة غده لشهر آخر ، فالأوّل عندهم ما لم يسبق بمثله والآخر ما اتّصل بزمان حكم بكونه أوّل الشهر الآخر.
وكيف كان ، فالمعيار خفاء توسّط الأمر العادّي والعقليّ بحيث يعدّ آثاره آثارا لنفس المستصحب.
______________________________________________________
٢٤٧٤. حاصله : أنّ المستصحب في المقام إمّا هو عدم انقضاء شهر رمضان ، أو عدم دخول هلال شوّال ، ويلزمه كون يوم الشكّ من آخر شهر رمضان آخرا له ، وغده أوّلا لشهر شوّال ، لأجل العلم الإجمالي بأنّ آخر شهر رمضان إمّا هذا اليوم أو اليوم الذي قبله ، إلّا أنّ أهل العرف يزعمون ترتب أحكام أوّل شوّال على
__________________
(*) في بعض النسخ زيادة : بالعبادة.
(**) في بعض النسخ زيادة : حتّى يترتّب عليه أحكام آخريّة رمضان.