.................................................................................................
______________________________________________________
أن يكون اعتبارهما حينئذ مطلقا. والآخر : أن يكون مقيّدا بعدم الظنّ بالخلاف.
ورابعها : أن يكون من باب السببيّة والتعبّد المحض. ويأتي فيه أيضا الوجهان المتقدّمان وعلى الوجهين : إمّا أن يكون تعبّدهم لأجل إحراز المقتضي والشكّ في المانع ، لأنّ الوضع مقتض للاستعمال في الموضوع له ، والقرينة مانعة من الحمل عليه ، فمع الشكّ في وجود القرينة أو كون الموجود قرينة يحمل على المعنى الحقيقي ، إعمالا للمقتضي ما لم يثبت المانع. وهذا الوجه مختصّ بأصالة عدم القرينة ، لعدم تأتّيه في أصالة عدم الوضع ، لعدم العلم فيه بالمقتضي بالنسبة إلى الوضع المشكوك فيه. وإمّا أن يكون من جهة استصحاب العدم أو قاعدة العدم ، أعني : البناء على العدم عند الشكّ في الوجود ، من دون ملاحظة حالة سابقة له ، كما هو المبرهن عليه في كلمات القدماء. والوجه : أنّ المحتاج إلى العلّة هو الوجود دون العدم ، فيكفي فيه عدم العلم بعلّة الوجود.
وفيه نظر ، لما قرّرناه في محلّه من احتياج كلّ من الوجود والعدم إلى العلّة ، غاية الأمر أن تكون علّة العدم عدم علّة الوجود ، كما صرّح به المحقّق الطوسي وغيره. والذي يسهّل الخطب أنّه ليس علينا بيان المستند بعد ثبوت بنائهم على العدم عند الشكّ في الوجود ، وإنّا إن لم نقل باعتبار هذه القاعدة في إثبات الشرعيّات ، إلّا أنّ بنائهم على اعتبار الأصلين في مباحث الألفاظ لعلّه مبنيّ عليها.
وكيف كان ، فالوجوه المذكورة ترتقي إلى تسعة أقسام. والكلّ محتمل ، لكنّ الظاهر أنّ بنائهم على اعتبار الأصلين إنّما هو من باب التعبّد المطلق ، ولذا يتمسّكون بالعمومات والمطلقات مع حصول الظنّ غير المعتبر على خلافها ، وكذا في باب الأقارير والشهادات والوصايا يؤخذ بظاهر الكلام مطلقا. اللهمّ إلّا أن يقال : إنّ هذا يأتي على الظنّ النوعي أيضا.
وربّما يتمسّك في اعتبار الأصلين بالاستصحاب المأخوذ من الأخبار ، نظرا إلى صدق النقض مع عدم ترتيب ما يترتّب على عدم الوضع والقرينة.