وأمّا الشرعيّة الاعتقاديّة (٢٥٠٠) ، فلا يعتبر الاستصحاب فيها ؛ لأنّه : إن كان من باب الأخبار فليس مؤدّاها إلّا الحكم على ما كان معمولا به على تقدير اليقين به ، والمفروض أنّ وجوب الاعتقاد بشيء على تقدير اليقين به لا يمكن الحكم به عند الشكّ ؛ لزوال الاعتقاد فلا يعقل التكليف. وإن كان من باب الظنّ فهو مبنيّ على اعتبار الظنّ في اصول الدين ، بل الظنّ غير حاصل فيما كان المستصحب من العقائد الثابتة
______________________________________________________
وهو ظاهر الفساد ، لعدم تماميّته إلّا على القول بالاصول المثبتة ، لعدم ترتّب أثر شرعيّ على العدمين إلّا بواسطة أمر عقلي أو عادي أو اتّفاقي ، وهو واضح. مع أنّا إن قلنا بنهوض الأخبار لإثبات اعتبار الاصول المثبتة ، فهي لا تنهض لإثبات اعتبار الأصلين على إطلاقهما ، لأنّا إن قلنا باعتبارها إنّما نقول بها في إثبات اللوازم العقليّة والعادّية ، دون الامور المقارنة للمستصحب اتّفاقا ، ودون الملزومات مطلقا ، والثابت بالأصلين غالبا إن لم نقل دائما من أحد القبيلين ، لأنّ عدم القرينة من لوازم إرادة المعنى الحقيقي ، فإثباته بأصالة عدمها من قبيل إثبات الملزوم بإثبات لازمه. وكذا إثبات اتّحاد الموضوع له بأصالة عدم النقل من قبيل إثبات أحد المتقارنين بإثبات الآخر ، لعدم تفرّع الثابت على المثبت ، وعدم تقدّم أحدهما وتأخّر الآخر طبعا ولا وضعا ، كما هو شأن اللوازم والملزومات ، بل هما لازمان ومتفرّعان على عدم الوضع لغة لمعنى آخر مغاير للمعنى العرفي ، فيما علم للفظ معنى عرفي وشكّ في وضعه لغة لمعنى آخر أيضا ، وهكذا في سائر المقامات والموارد.
٢٥٠٠. مثل ما لو وجب الاعتقاد بوجود نبيّ ، ثمّ شكّ فيه من جهة الشكّ في نسخ شريعته ، لظهور شخص آخر مدّع للنبوّة. وما يمكن استصحابه هنا إمّا وجوب الاعتقاد ، أو نفس الاعتقاد ، أو وجوب النظر لتحصيل الاعتقاد الذي كان ثابتا قبل حصوله. والأوّل قد أشار المصنّف رحمهالله إلى ضعفه. والثاني من الامور الوجدانيّة التي لا مسرح للاستصحاب فيها. والثالث مدفوع بأنّ الدليل الذي أثبت