أمكن دعوى الظنّ لو لم يكن احتمال النسخ ناشئا عن احتمال نسخ أصل الشريعة ، لا نسخ الحكم في تلك الشريعة. أمّا الاحتمال الناشئ عن احتمال نسخ الشريعة فلا يحصل الظنّ بعدمه ؛ لأنّ نسخ الشرائع شائع ، بخلاف نسخ الحكم في شريعة واحدة ؛ فإنّ الغالب بقاء الأحكام.
وممّا ذكرنا يظهر أنّه لو شكّ في نسخ أصل الشريعة لم يجز التمسّك بالاستصحاب لإثبات بقائها ، مع أنّه لو سلّمنا حصول الظنّ فلا دليل على حجيّته حينئذ ؛ لعدم مساعدة العقل عليه وإن انسدّ باب العلم ؛ لإمكان الاحتياط (٢٥٠٣) إلّا فيما لا يمكن. والدليل النقليّ الدالّ عليه لا يجدي ؛ لعدم ثبوت الشريعة السابقة ولا اللاحقة.
فعلم ممّا ذكرنا أنّ ما يحكى من تمسّك بعض أهل الكتاب في مناظرة بعض الفضلاء (٢٥٠٤) السادة باستصحاب شرعه ، ممّا لا وجه له ، إلّا أن يريد جعل
______________________________________________________
وقد يورد عليه : بأنّه إذا ثبت حكم اعتقادي بدليل عقلي أو نقلي قطعي ، فكيف يعقل الفرق بين ما كان الشكّ في بقائه من جهة الشكّ في نسخه وغيره ، حيث منع حصول الظنّ بالبقاء على الثاني وسلّمه على الأوّل ، لأنّ المنع إن كان من جهة اعتبار تبيّن موضوع حكم العقل ، وكذا الحكم التعبّدي المقطوع به ، فلا بدّ من اعتبار تبيّنه أيضا من حيث وجود ما يقتضي استمرار الحكم فيه وعدمه. وإن كان من جهة اخرى فلتبيّن حتّى ينظر فيها.
ويمكن دفعه بما تقدّم في الحاشية السابقة. نعم ، لا بدّ من تخصيص الكلام في محتمل النسخ بما كان أصله ثابتا بالشرع دون العقل ، لعدم تأتّي احتمال النسخ في الأحكام العقليّة كما لا يخفى.
٢٥٠٣. سيشير في الجواب الثاني من الأجوبة التي سيذكرها إلى وجه عدم جواز التمسّك بنفي الحرج في العمل بأحكام الشريعتين.
٢٥٠٤. قد ذكر بعض مشايخنا أنّه السيّد حسين القزويني. وقيل : إنّه السيّد محسن الكاظمي. ولكنّي قد رأيت رسالة من بعض تلامذة السيّد السّند العلّامة