ودعوى : قيام الدليل الخاصّ على اعتبار هذا الظنّ ؛ بالتقريب الذي ذكره بعض المعاصرين (٢٥٢٤) من أنّ شرائع الأنبياء السلف وإن كانت لم تثبت على سبيل الاستمرار ، لكنّها في الظاهر لم تكن محدودة بزمن معيّن ، بل بمجيء النبيّ اللاحق ، ولا ريب أنّها تستصحب ما لم تثبت نبوّة اللاحق ، ولو لا ذلك لاختلّ على الامم السابقة نظام شرائعهم من حيث تجويزهم في كلّ زمان ظهور نبيّ ولو في الأماكن البعيدة ، فلا يستقرّ لهم البناء على أحكامهم.
مدفوعة : بأنّ استقرار الشرائع لم يكن بالاستصحاب قطعا ؛ وإلّا لزم كونهم شاكّين في حقّية شريعتهم ونبوّة نبيّهم في أكثر الأوقات لما تقدّم من أنّ الاستصحاب بناء على كونه من باب الظنّ لا يفيد الظنّ الشخصيّ في كلّ مورد. وغاية ما يستفاد من بناء العقلاء في الاستصحاب هي ترتيب الأعمال المترتّبة على الدين السابق دون حقّيّة دينهم ونبوّة نبيّهم التي هي من اصول الدين.
فالأظهر أن يقال : إنّهم كانوا قاطعين بحقيّة دينهم ؛ من جهة بعض العلامات التي أخبرهم بها النبيّ السابق. نعم ، بعد ظهور النبيّ الجديد الظاهر كونهم شاكّين في دينهم مع بقائهم على الأعمال ، وحينئذ فللمسلمين ايضا أن يطالبوا اليهود بإثبات
______________________________________________________
عند بيان دليل الانسداد من كون الاحتياط عند الانسداد الأغلبي موجبا لذلك ، فضلا عن انضمام الانسداد في الشريعة السابقة إليه في شرعنا.
وأمّا الخصوصيّة التي ادّعاها المصنّف رحمهالله فلم يظهر لها وجه ، لعدم الفرق في موضوع الأحكام الكلّية بين القليل والكثير بعد تحقّق عنوان موضوع الحكم ، فبعد تحقّق عنوان الحرج ولو في حقّ مكلف واحد انتفى عنه الحكم الحرجي.
نعم ، يختلف الحكم بذلك فيما لو كان الحرج نوعيّا أو شخصيّا ، إذ لو تحقّق الحرج للأغلب انتفى الحكم عن الجميع على الأوّل ، وعمّن تحقّق في حقّه الحرج خاصّة على الثاني. ولكن لا دخل لذلك فيما نحن فيه ، لسقوط التكليف عمّن تحقّق في حقّه الحرج على التقديرين ، ولا تؤثّر فيه القلّة والكثرة.
٢٥٢٤. هو صاحب الفصول.