الأزمان أفراديّا ، بأن اخذ كلّ زمان موضوعا مستقلا لحكم مستقلّ ؛ لينحلّ العموم إلى أحكام متعدّدة بتعدّد الأزمان ، كقوله : " أكرم العلماء كلّ يوم" فقام الإجماع على حرمة إكرام زيد العالم يوم الجمعة. ومثله ما لو قال : " أكرم العلماء" ، ثمّ قال : " لا تكرم زيدا يوم الجمعة" إذا فرض الاستثناء قرينة على أخذ كلّ زمان فردا مستقلا ، فحينئذ يعمل عند الشكّ بالعموم ولا يجري الاستصحاب ، بل لو لم يكن عموم وجب الرجوع إلى سائر الاصول ؛ لعدم قابليّة المورد للاستصحاب.
وإن اخذ لبيان الاستمرار ، كقوله : " أكرم العلماء دائما" ، ثمّ خرج فرد في زمان وشكّ في حكم ذلك الفرد بعد ذلك الزمان ، فالظاهر جريان الاستصحاب ؛ إذ لا يلزم من ثبوت ذلك الحكم للفرد بعد ذلك الزمان تخصيص زائد على التخصيص المعلوم ؛ لأنّ مورد التخصيص الأفراد دون الأزمنة ، بخلاف القسم الأوّل ، بل لو لم يكن هنا استصحاب لم يرجع إلى العموم (٢٥٣١) بل إلى الاصول الأخر.
ولا فرق بين استفادة الاستمرار من اللفظ كالمثال المتقدّم أو من الإطلاق ، كقوله : " تواضع للناس" ـ بناء على استفادة الاستمرار منه ـ فإنّه إذا خرج منه التواضع في بعض الأزمنة على وجه لا يفهم من التخصيص ملاحظة المتكلّم كلّ زمان فردا مستقلّا لمتعلّق الحكم ، استصحب حكمه بعد الخروج ، وليس هذا من باب تخصيص العامّ بالاستصحاب.
______________________________________________________
يوم الجمعة والآخر زيد يوم السبت وهكذا ، فالمخرج هو زيد بلحاظ كونه يوم الجمعة ، وأمّا بلحاظ كونه يوم السبت فهو باق تحت العموم ، وكذا سائر الأفراد بالنسبة إلى يوم الجمعة ، لاندراجها تحته بلحاظ كونها في ذلك اليوم. وبعبارة اخرى : أنّ ما ذكر من المحذور إنّما يلزم لو أخرج زيد من العموم أوّلا ثمّ أسند الحكم إلى الباقي ، وقيّد الحكم حينئذ بكلّ زمان وأخرج منه يوم الجمعة ، وليس كذلك ، بل قد اعتبر لأفراد العامّ وجودات متعدّدة باعتبار كلّ يوم ، وأسند الحكم إليهما بهذا الاعتبار ، ثمّ أخرج منها زيد بلحاظ وجوده يوم الجمعة ، فلزوم التجوّز في العامّين بتخصيص واحد لا بتخصيصين مستقلّين ، فتدبّر.
٢٥٣١. لفرض عدم عموم لفظي يشمل كلّ زمان.