وظاهر الشهيد الثاني في المسالك إجراء الاستصحاب في هذا الخيار. وهو الأقوى ؛ بناء على أنّه لا يستفاد من إطلاق وجوب الوفاء إلّا كون الحكم مستمرّا ، لا أنّ الوفاء في كلّ زمان موضوع مستقلّ محكوم بوجوب مستقلّ ، حتّى يقتصر في تخصيصه على ما ثبت من جواز نقض العقد في جزء من الزمان وبقي الباقي.
نعم لو استظهر من وجوب الوفاء بالعقد عموم لا ينتقض بجواز نقضه في زمان ، بالإضافة إلى غيره من الأزمنة ، صحّ ما ادعاه المحقّق قدسسره ، لكنّه بعيد. ولهذا رجع إلى الاستصحاب في المسألة جماعة من متأخّري المتأخّرين تبعا للمسالك ، إلّا أنّ بعضهم (٢٥٣٥) قيّده بكون مدرك الخيار في الزمان الأوّل هو الإجماع ، لا أدلّة نفي الضرر ؛ لاندفاع الضرر بثبوت الخيار في الزمن الأوّل.
ولا أجد وجها لهذا التفصيل ؛ لأنّ نفي الضرر (٢٥٣٦) إنّما نفى لزوم العقد ، ولم يحدّد زمان الجواز ، فإن كان عموم أزمنة وجوب الوفاء يقتصر في تخصيصه على ما يندفع به الضرر ، ويرجع في الزائد إلى العموم ، فالإجماع أيضا كذلك ، يقتصر فيه على معقده.
______________________________________________________
فإذا خرج بعض الأفراد في زمان لا يبقى في العامّ مقتض للشمول له بعده.
هذا ، ويمكن دفع الأوّل بما نبّهنا عليه في الحاشية السابقة ، من أنّ استفادة تبعيّة العموم الأفرادي للعموم الزماني إنّما هي من جهة قصد المتعاقدين للاستمرار ، فالوفاء بالعقد الواقع بينهما لا يكون إلّا بالاستمرار على الالتزام بمقتضى العقد.
ومنه يندفع الثاني أيضا ، لأنّ عدم وجوب الوفاء وعدم وجوب العمل بما قصده المتعاقدان في زمان لا يستلزم عدمه بعده أيضا. ولكن يزيّف ذلك ما تقدّم هناك من عدم منافاته لاستصحاب حكم المخصّص ، فلا تغفل.
٢٥٣٥. هو صاحب الرياض.
٢٥٣٦. حاصله : أنّا إن قلنا بكون عموم الوفاء بالعقود مستتبعا لعموم الأزمان بحيث يتعدّد أفراد الموضوع بتعدّد الأزمان ، فلا يفرّق فيه بين كون المخصّص هو الإجماع أو قاعدة الضرر في عدم صحّة استصحاب حكم المخصّص ، إذ العامّ حينئذ كما يثبت حكم ما بعد الزمان الذي نفت القاعدة لزوم الوفاء فيه ،