.................................................................................................
______________________________________________________
الاستصحاب لمعارضته. ولأنّه لا كلام في أنّ ظاهر الأمر والنهي لا يعارضان باستصحاب براءة الذمة ، وإلّا لم يثبت بمجرّدهما إيجاب وتحريم أصلا ، فكذلك ظاهر العامّ ، لمشاركة الجميع في كونه دليلا لفظيّا مقدّما على الاصول الظاهريّة. ولأنّه لو صلح الاستصحاب دليلا على تخصيص العامّ لبطل الاحتجاج بالعمومات المخالفة له ، لوجوب قصر حكمها حينئذ على بعض لا يجوز تطرّق التخصيص إليه ، لأنّ القدر الثابت بها ارتفاع حكم الاستصحاب بالنسبة إلى ذلك البعض ، وأمّا بالنسبة إلى غيره فليس هناك ما يدلّ على رفعه إلّا العموم ، وقد فرض عدم صلوحه له. والفرق في ذلك بين الاستصحاب الموافق للأصل والمخالف له ممّا لا وجه له ، بعد اشتراك المستند وعموم أدلّة حجيّته. نعم ، يستثنى من ذلك استصحاب عدم النسخ عند سبق المخصّص الغير المستوعب ، فإنّه ينهض دليلا على التخصيص بضميمة مورده ، لقرب التخصيص وبعد النسخ كما سيأتي.
وأمّا المقام الثاني ، فلا ريب في حجّية الاستصحاب فيه إذا اشتمل على شرائط الحجّية ، من غير فرق بين الموافق منه للأصل والمخالف له. وهو ممّا لا خلاف فيه بين القائلين بحجّيته ، لكنّه ليس من باب تخصيص العامّ بالاستصحاب في شيء. ومن هذا الباب ما ذكره من الأمثلة ، فإنّ عمومات البراءة إنّما دلّت على البراءة عند عدم دليل على الاشتغال ، فإذا دلّ الاستصحاب على بقاء الاشتغال أو على بقاء موضوع يتفرّع عليه الاشتغال ثبت الاشتغال ، وليس شأن الاستصحاب حينئذ تخصيص تلك العمومات ، بل تحقيق عنوان اختصّت تلك العمومات بغيره. وكذلك الكلام في عمومات الطهارة.
وقد يتخيّل أنّ حكمنا بنجاسة الكرّ الملتئم من قليلين متنجّسين مبنيّ على تخصيص عمومات طهارة الماء بالاستصحاب. وضعفه يعرف ممّا قرّرناه ، فإنّ أدلّة طهارة الماء منها ما يفيد طهارته الابتدائيّة ، واستدامتها تعرف بالاستصحاب. فإذا دلّ دليل على عروض النجاسة عليه بالملاقاة أو التغيّر لم يكن مخصّصا لذلك العموم ،