فرض الاستناد (٢٥٤٣) في أصالة الحليّة إلى عموم" حلّ الطيّبات" و" حلّ الانتفاع بما في الأرض" ، كان استصحاب حرمة العصير في المثالين الأخيرين (٢٥٤٤) مثالا لمطلبه ، دون المثال الأوّل ؛ لأنّه من قبيل الشكّ في موضوع الحكم الشرعيّ ، لا في نفسه. ففي الأوّل يستصحب عنوان الخاصّ ، وفي الثاني يستصحب حكمه ، وهو الذي يتوهّم كونه مخصّصا للعموم دون الأوّل.
ويمكن توجيه كلامه قدسسره : بأنّ مراده من العمومات بقرينة تخصيصه (٢٥٤٥) الكلام بالاستصحاب المخالف هي عمومات الاصول ، ومراده بالتخصيص للعمومات ما يعمّ الحكومة ـ كما ذكرنا في أول أصالة البراءة ـ وغرضه : أنّ مؤدّى
______________________________________________________
أقوى المتعارضين. ولعلّ مراده هنا هو القسم الأخير. وسيجيء توضيح الفرق بين الأقسام في باب التعادل والترجيح.
٢٥٤٣. بأن كان مستند الحلّ والطهارة العمومات الاجتهاديّة. وفي التعبير بالإمكان إيماء إلى ضعف هذا الوجه أيضا. ويظهر وجهه ممّا أشار إليه من عدم جريان العموم في مورد جريان الاستصحاب ، فلا يكون هذا أيضا من باب تخصيص العامّ به.
٢٥٤٤. أي : مثال التحديد ومثال الدبس. والمراد بالمثال الأوّل مثال الشكّ في ذهاب الثلثين ، لكون الشكّ في الأوّلين حكميّا ، فيستصحب فيهما حكم العصير ، فيخصّص به عموم الحلّ والطهارة ، وفي الثالث عنوان الموضوع ، وهو عدم ذهاب الثلثين ، فيتحقّق به موضوع الحرمة والنجاسة ، ولا دخل له في تخصيص عموم الحلّ والطهارة.
٢٥٤٥. إذ لو كان مراده بالعمومات أعمّ من العمومات الاجتهاديّة والفقاهيّة لم يبق وجه لتخصيص الاستصحاب بالمخالف للأصل ، أعني : أصالة البراءة والاحتياط والتخيير ، إذ الاستصحاب الموافق للأصل قد يكون مخالفا للعمومات الاجتهاديّة ، فلا وجه لإخراجه من محلّ الكلام. فلا بدّ أن يكون المراد بالعمومات