ولا ريب أنّ الاستصحاب الجاري في كلّ مورد خاصّ به لا يتعدّاه إلى غيره ، فيقدّم على العامّ ، كما يقدّم على غيره من الأدلّة ؛ ولذا ترى الفقهاء يستدلّون على الشغل والنجاسة والتحريم بالاستصحاب في مقابلة ما دلّ على البراءة الأصليّة وطهارة الأشياء وحلّيتها. ومن ذلك استنادهم إلى استصحاب النجاسة والتحريم في صورة الشكّ في ذهاب ثلثي العصير ، وفي كون التحديد (٢٥٣٩) تحقيقيّا أو تقريبيّا ، وفي صيرورته قبل ذهاب (٢٥٤٠) الثلثين دبسا إلى غير ذلك (٣١). انتهى كلامه ، على ما لخّصه بعض المعاصرين.
ولا يخفى ما في ظاهره ؛ لما عرفت من أنّ (٢٥٤١) مورد جريان العموم لا يجري الاستصحاب حتّى لو لم يكن عموم ، ومورد جريان الاستصحاب لا يرجع إلى العموم ولو لم يكن استصحاب.
ثمّ ما ذكره من الأمثلة خارج عن مسألة تخصيص الاستصحاب للعمومات ؛ لأنّ الاصول المذكورة بالنسبة إلى الاستصحاب ليست من قبيل العامّ بالنسبة إلى الخاصّ (٢٥٤٢) ، كما سيجيء في تعارض الاستصحاب مع غيره من الاصول. نعم ، لو
______________________________________________________
الحلّ والطهارة ـ وإن كانت عموما من وجه ، ومقتضاه التوقّف في مادّة الاجتماع لا تخصيصها به ، إلّا أنّ العبرة بملاحظة النسبة بين نفس الدليلين لا بين دليليهما ، وإلّا لم يتحقّق العامّ والخاصّ بين الأدلّة.
٢٥٣٩. بالثلثين في العصير.
٢٥٤٠. بأن علم حصول الحلّية والطهارة بذهاب الثلثين ، ولكن شكّ في حصولهما بصدق اسم الدبس قبل ذهابهما ، فتصير الشبهة حينئذ حكميّة كما في المثال الثاني.
٢٥٤١. هذا بناء على كون مراده بالعمومات هي العمومات الاجتهاديّة.
٢٥٤٢. بل من باب الورود أو الحكومة. ولكنّك خبير بأنّ تقديم الخاصّ على العامّ أيضا قد يكون من باب الورود أو الحكومة ، كما فيما لو كان الخاصّ مخصّصا لموضوع العامّ حقيقة أو حكما. نعم ، قد يكون تقديمه عليه من باب تقديم