من أنّ الاستصحاب المخالف للأصل دليل شرعيّ مخصّص للعمومات ، ولا ينافيه عموم (٢٥٣٨) أدلّة حجّيته من أخبار الباب الدالّة على عدم جواز نقض اليقين بغير اليقين ؛ إذ ليس العبرة في العموم والخصوص بدليل الدليل ، وإلّا لم يتحقّق لنا في الأدلّة دليل خاصّ ؛ لانتهاء كلّ دليل إلى أدلّة عامّة ، بل العبرة بنفس الدليل.
______________________________________________________
كالآيتين ، لورودهما في مقام الامتنان على العباد المفيد للطهارة لجميع أفراد المياه وفي جميع حالاتها ، مثل حال تغيّرها طعما ولونا ورائحة وحال خلوّها منها ، أو نحو ذلك.
وإن شئت قلت : إنّ الله تعالى قد لاحظ جميع أفراد المياه المختلفة ذاتا أو صفة ، فحكم عليها بالطهارة ، فكلّ فرد منها باعتبار حالاته المختلفة بمنزلة أفراد متعدّدة مندرجة تحت العموم. وبعبارة اخرى : أنّ المراد بأفراد هذا العامّ أعمّ من الأفراد الواقعيّة والاعتباريّة ، وهذه الكلّية مستفادة من ورود المطلق في مقام الامتنان. فهما كما تدلّان على الطهارة ابتداء ، كذلك تدلّان عليها استدامة وعند عروض بعض العوارض. فالحكم بالطهارة في الزمان الثاني ـ أعني : زمان عروض بعض العوارض ـ ليس بالاستصحاب ، بل بنفس الآيتين على ما عرفت.
نعم ، يتمّ ما ذكره لو كانتا من قبيل ما ورد من قوله عليهالسلام : خلق الله الغنم طاهرا ، لوروده في مقام بيان طهارة الغنم من حيث هو ، مع قطع النظر عن عروض ما يزيل طهارته ثانيا وبالعرض. فإذا شكّ في طهارة الغنم الجلّال مثلا في بعض الموارد لا يمكن إثباتها به ، بل لا بدّ حينئذ من استصحاب طهارته الذاتيّة.
ويشهد لما ذكرناه الاستثناء الواقع في النبويّ المشهور : «خلق الله الماء طهورا لا ينجّسه شيء ، إلّا ما غيّر لونه أو طعمه أو رائحته» لأنّ استثناء المتغيّر بأحد الأوصاف الثلاثة يدلّ على كون كلّ واحد من هذه المتغيّرات فردا مستقلّا في الاندراج تحت المستثنى منه. ومساق الرواية مساق الآيتين ، فتكشف عن المراد بهما ، فتدبّر.
٢٥٣٨. لأنّ النسبة بين عمومات الاستصحاب وسائر العمومات ـ كعمومات