ثمّ إنّه لا فرق ـ بناء على جريان الاستصحاب ـ بين تعذّر الجزء بعد تنجّز التكليف كما إذا زالت الشمس متمكّنا من جميع الأجزاء ففقد بعضها ، وبين ما إذا فقده قبل الزوال ؛ لأنّ المستصحب هو الوجوب النوعيّ المنجّز على تقدير اجتماع شرائطه ، لا الشخصيّ المتوقّف على تحقّق الشرائط فعلا. نعم ، هنا أوضح (٢٥٥٥). وكذا لا فرق ـ بناء على عدم الجريان (٢٥٥٦) ـ بين ثبوت جزئيّة المفقود بالدليل الاجتهادي وبين ثبوتها بقاعدة الاشتغال.
وربّما يتخيّل أنّه لا إشكال في الاستصحاب في القسم الثاني ؛ لأنّ وجوب الاتيان بذلك الجزء لم يكن إلّا لوجوب الخروج عن عهدة التكليف ، وهذا بعينه مقتض لوجوب الاتيان بالباقي بعد تعذّر الجزء.
______________________________________________________
٢٥٥٥. لكون الاستصحاب على الأوّل معلّقا وعلى الثاني منجّزا.
٢٥٥٦. لأنّ دليل عدم الجريان أنّ الثابت في السابق للأجزاء السابقة هو الوجوب الغيري ، وهو مرتفع يقينا ، وما اريد إثباته في الزمان الثاني هو الوجوب النفسي ، وهو لم يكن ثابتا في السابق. ولا فرق فيه بين ثبوت وجوب الأجزاء المتعذّرة بالدليل الاجتهادي وقاعدة الاشتغال. أمّا الأوّل فواضح. وأمّا الثاني ، فإنّه لا يخلو : إمّا أن يراد استصحاب الوجوب الظاهري الثابت للأجزاء الباقية في السابق ، وإمّا أن يراد استصحاب الوجوب الواقعي لها.
أمّا الأوّل ، فلا ريب أنّه مع ثبوت وجوب بعض أجزاء المركّب بالقاعدة يثبت لتمام المركّب وجوب نفسي في الظاهر ، فيكون وجوب الأجزاء الباقية حينئذ في الظاهر غيريّا لا محالة ، فلا يثبت باستصحاب الوجوب النفسي لها.
وأمّا الثاني ، فلعدم العلم باتّصاف الأجزاء الباقية في السابق بالوجوب النفسي حتّى يستصحب. واستصحاب المردّد بينه وبين الوجوب الغيري لا يثبت الوجوب النفسي لها إلّا على القول بالاصول المثبتة. اللهمّ إلّا أن يقال بما أشار إليه في التوجيه الأوّل من مسامحة العرف ، وزعمهم عدم المغايرة بين الوجوب الغيري والنفسي ، لأنّ مسامحتهم بزعم اتّحاد الوجوب المردّد والوجوب النفسي أولى منه بالإذعان.