وفيه : ما تقدّم من أنّ وجوب الخروج عن عهدة التكليف بالمجمل إنّما هو بحكم العقل لا بالاستصحاب ، والاستصحاب لا ينفع (٢٥٥٧) إلّا بناء على الأصل المثبت. ولو قلنا به لم يفرّق بين ثبوت الجزء بالدليل أو بالأصل ؛ لما عرفت من جريان استصحاب بقاء أصل التكليف وإن كان بينهما فرق ؛ من حيث إنّ استصحاب التكليف في المقام من قبيل استصحاب الكلّي المتحقّق سابقا في ضمن فرد معيّن بعد العلم بارتفاع ذلك الفرد المعيّن ، وفي استصحاب الاشتغال من قبيل استصحاب الكلّي المتحقّق في ضمن المردّد بين المرتفع والباقي ، وقد عرفت عدم جريان الاستصحاب في الصورة الاولى ، إلّا في بعض مواردها (٢٥٥٨) بمساعدة العرف.
ثمّ اعلم أنّه نسب إلى الفاضلين قدسسرهما التمسّك بالاستصحاب في هذه المسألة وفي مسألة الأقطع ، والمذكور في المعتبر والمنتهى الاستدلال على وجوب غسل ما بقي من اليد المقطوعة ممّا دون المرفق : بأنّ غسل الجميع بتقدير وجود ذلك البعض واجب ، فإذا زال البعض لم يسقط الآخر (٣٢) ، انتهى.
وهذا الاستدلال يحتمل أن يراد منه مفاد قاعدة" الميسور لا يسقط بالمعسور" ؛ ولذا أبدله في الذكرى بنفس القاعدة. ويحتمل أن يراد منه الاستصحاب ، بأن يراد منه أنّ هذا الموجود بتقدير وجود المفقود في زمان سابق واجب ، فإذا زال البعض لم يعلم سقوط الباقي ، والأصل عدمه (٢٥٥٩) ، أو لم يسقط (٢٥٦٠) بحكم الاستصحاب. ويحتمل أن يراد به التمسّك بعموم ما دلّ على وجوب كلّ من الأجزاء من غير
______________________________________________________
٢٥٥٧. في نفي جزئيّة المشكوك فيه.
٢٥٥٨. قد تقدّم في الأمر الأوّل التمثيل لمورد جريانه بمثال السواد المتبدّل بما هو أخفّ من الأوّل.
٢٥٥٩. فيكون الاستصحاب عدميّا.
٢٥٦٠. معطوف على قوله : «لم يعلم ...» ، فيكون الاستصحاب حينئذ وجوديّا ، وهو استصحاب وجوب الباقي.