.................................................................................................
______________________________________________________
مع اختلاف المقلّدين في ذلك جدّا ، لأنّ من توضّأ في الفجر وشكّ في بقائه عند الغروب مثلا ، فلا شكّ أنّ الغالب حصول الظنّ بعدم بقاء الطهارة حينئذ.
وأمّا الثاني ، فيكفيك فيه تعريف العضدي ـ الذي هو مؤسّس أساس الاصول من العامّة ـ للاستصحاب بأنّ الشيء الفلاني قد كان ولم يظنّ عدمه ، وكلّ ما هو كذلك فهو مظنون البقاء. وما يتوهّم منه من ذهابه إلى اعتباره من باب الظنّ الشخصي ، نظرا إلى أخذ الظنّ بالبقاء في تعريفه ، فاسد جدّا ، لاستلزامه الكذب في الحدّ ، لوضوح أنّ عدم الظنّ بالعدم لا يستلزم الظنّ بالبقاء فعلا. نعم ، لا نضايق من استلزامه له نوعا ، وهو معنى اعتباره من باب الظنّ النوعي.
فإن قلت : إنّ ما ذكرته من اعتباره من باب الظنّ النوعي إنّما يتمّ إن قلنا باعتباره من باب بناء العقلاء ، وهل يمكن الاستدلال عليه حينئذ بدليل الانسداد أيضا ، أو لا بدّ من القول باعتباره حينئذ من باب الظنون الشخصيّة؟
قلت : إنّ ظاهر من تمسّك فيه بدليل الانسداد هو اعتباره من باب الظنون الشخصيّة ، ولكن يمكن مع ذلك القول باعتباره من باب الظنّ النوعي أيضا ، وذلك لأنّ المدار مع انسداد باب العلم بالأحكام الواقعيّة شرعا ووجدانا غالبا ليس على صفة الظنّ من حيث هي ، بل من حيث أقربيّة مؤدّاه إلى الواقع في مقابل الشكّ والوهم ، فلو علم إجمالا غلبة مخالفة أمارة للواقع فلا يجوز العمل بها ولو مع إفادتها للظنّ بالواقع. فلا بدّ حينئذ أن يكون المدار على غلبة مطابقة الأمارة للواقع ، سواء كان ذلك مع إفادتها للظنّ الشخصي بالواقع أم لا.
وإليه ينظر كلام المحقّق القمّي رحمهالله في توجيه إخراج القياس من نتيجة مقدّمات دليل الانسداد ، مع عدم قابليّة حكم العقل للتخصيص ، حيث قال : «إنّ تكليف ما لا يطاق وانسداد باب العلم من جهة الأدلّة المقتضية للعلم أو الظنّ المعلوم الحجيّة مع بقاء التكليف ، يوجب جواز العمل بما يفيد الظنّ ـ يعني : في نفسه ـ مع قطع النظر عمّا يفيد ظنّا أقوى ، وبالجملة ما يدلّ على مراد الشارع ولو ظنّا ، ولكن