ودعوى : أنّ ثبوت الحكم لكلّ عنوان خاصّ من حيث كونه جسما ، ليست بأولى من دعوى كون التعبير بالجسم في القضيّة العامّة من حيث عموم ما يحدث فيه النجاسة بالملاقاة ، لا من حيث تقوّم النجاسة بالجسم. نعم ، الفرق بين المتنجّس والنجس : أنّ الموضوع في النجس معلوم الانتفاء في ظاهر الدليل ، وفي المتنجّس محتمل البقاء. لكنّ هذا المقدار لا يوجب الفرق بعد ما تبيّن أنّ العرف هو المحكّم في موضوع الاستصحاب (٢٥٨٦).
أرأيت أنّه لو حكم (٢٥٨٧) على الحنطة أو العنب بالحليّة أو الحرمة أو النجاسة أو الطهارة ، هل يتأمّل العرف في إجراء تلك الأحكام على الدقيق والزبيب؟! كما لا يتأمّلون في عدم جريان الاستصحاب في استحالة الخشب دخانا والماء المتنجّس بولا لمأكول اللحم ، خصوصا إذا اطّلعوا على زوال النجاسة بالاستحالة.
______________________________________________________
وثالثها : أنّ الاسم أمارة ومعرّف للموضوع ، وليس بعلّة للثبوت ، فالموضوع أعمّ ممّا صدق عليه الاسم. وهذا الوجه راجع إلى الأوّل ، لأنّه إنّما يتمّ على تقدير فهم العرف للموضوع أعمّ من الواجد للوصف والفاقد له ، وإلّا فهو مصادرة محضة وتحكّم بحت. ثمّ إنّ ضعف هذه الوجوه ـ كما ذكره المصنّف رحمهالله ـ ظاهر ، والحقّ ما أسلفناه في الحاشية السابقة.
٢٥٨٦. سواء كان المستصحب نجاسة نجس العين أم المتنجّس ، فيصحّ الاستصحاب مع صدق بقاء الموضوع مطلقا ، وإن انتفى عنوان موضوع الأوّل المأخوذ في ظاهر الأدلّة ، ولا يصحّ مع عدمه.
٢٥٨٧. غرضه أنّه لو ثبت فرق بين الحكم الأصلي والعرضي عند العرف لوجب أن يكون الأمر بالعكس في المثالين ، لتغيّر ما هو موضوع في ظاهر الأدلّة في الأوّل دون الثاني ، فإنّ الموضوع فيه على زعم مدّعي الفرق هي الصورة الجنسيّة ، وهي باقية بعد الاستحالة أيضا.