بالواقع ؛ فإنّ الشكّ الواقعيّ في البقاء والارتفاع لا يزول معه ، ولا ريب في العمل به دون الحالة السابقة.
لكنّ الشأن في أنّ العمل به من باب تخصيص أدلّة الاستصحاب أو من باب التخصّص؟ الظاهر أنّه من باب حكومة أدلّة تلك الامور على أدلّة الاستصحاب ، وليس تخصيصا بمعنى رفع اليد عن عموم أدلّة الاستصحاب في بعض موارده ، كما ترفع
______________________________________________________
الأوّل ، فالدليل المخالف إن كان ثابتا من باب الظّنون الخاصّة فتقديمه على الاستصحاب على نهج ما عرفت ، وإن كان ثابتا بدليل الانسداد فهو كالطريقة الثانية. وعلى الثاني ، فالمدار على وصف الظنّ ، فيقدّم ما كان مفيدا له ، سواء كان هو الاستصحاب أو معارضه ، لفرض كون مناط اعتبار كلّ منهما هو الظنّ. اللهمّ إلّا أن يقال بعدم إفادة الاستصحاب للظنّ مع معارضة الدليل الاجتهادي ، فتأمّل.
ثمّ إنّ ما قدّمناه من الإجماع ربّما يظهر من المحقّق القمّي رحمهالله منعه ، كما يظهر ممّا نقله عنه المصنّف رحمهالله. وهو ضعيف كما ذكره المصنّف رحمهالله ، لأنّ الأخبار الواردة في المفقود من قبيل الأدلّة الفقاهيّة ، وما ذكرناه من الإجماع إنّما هو على تقديم الأدلّة الاجتهاديّة على الاستصحاب ، فلا تغفل.
ثمّ إنّ جميع ما قدّمناه إنّما هو فيما كان الدليل المقابل للاستصحاب دالّا على ارتفاع الحالة السابقة أو بقائها ، كما هو الغالب في الأدلّة الاجتهاديّة. وأمّا إن كان دالّا على عدم العمل بالحالة السابقة مع فرض الشكّ في بقائها وارتفاعها ، كالأخبار الدالّة على البناء على الأكثر عند الشكّ في عدد ركعات الصلاة ، وكأخبار المفقود ، فلا إشكال في كونه مخصّصا لعموم أخبار الاستصحاب ، ولا تتأتّى فيه الوجوه المتقدّمة.
وبالجملة ، ما دلّ من الأدلّة الاجتهاديّة على بقاء الحالة السابقة أو ارتفاعها فهو في مقابل نفس الاستصحاب ، وما دلّ على عدم العمل على طبق الحالة السابقة مع فرض الشكّ فيها فهو في مقابل عموم أدلّة الاستصحاب.