حياة المفقود ، وإنّما المقابل له قيام دليل معتبر (*) على موته ، وهذه الأخبار على تقدير تماميّتها مخصّصة لعموم أدلّة الاستصحاب دالّة على وجوب البناء على موت المفقود بعد الفحص ، نظير ما دلّ على وجوب البناء على الأكثر مع الشك في عدد الركعات ، فمن عمل بها خصّص بها عمومات الاستصحاب ، ومن طرحها لقصور فيها (٢٦٠٤) بقي أدلّة الاستصحاب عنده على عمومها.
ثمّ المراد بالدليل الاجتهاديّ : كلّ أمارة اعتبرها الشارع من حيث إنّها تحكي عن الواقع وتكشف عنه بالقوّة ، وتسمّى في نفس الأحكام" أدلّة اجتهادية" وفي
______________________________________________________
٢٦٠٤. الأولى في وجه الطّرح ـ بعد الاعتراف باعتبار الأخبار في نفسها وعمل جماعة بها ، كما تقدّم في كلام المحقّق القمّي رحمهالله ـ أن يقال : إنّ مقتضى إعمال قانون تعارض العامّ والخاصّ مطلقا وإن كان تقديم الأخبار المذكورة على عمومات الاستصحاب ، إلّا أنّ بعض الاصول والقواعد من اليقينيّات عند الفقهاء ، فلا يرفعون اليد عنها بورود خبر أو خبرين على خلافها ، ولذا طرحوا ما ورد من الأخبار في جواز تزويج أمة الزّوجة من دون إذنها ، وما ورد في جواز بيع الوقف ، وليس الوجه فيه إلّا أنّ عدم جواز التصرّف في ملك الغير من دون إذنه ، وكذا عدم جواز بيع الوقف ، في الجملة من المسلّمات المفروغ منها عندهم ، ولذا ذكر صاحب كشف الغطاء ـ فيما حكي عنه ـ في الأخبار الواردة في جواز بيع الوقف : أنّ تخصيص مثل هذه القاعدة بخبر أو خبرين خروج من مذاق الفقاهة.
وبالجملة إنّ ما ذكرناه في وجه عدم عمل المشهور بالأخبار المذكورة في مقابل الاستصحاب ، أولى ممّا ذكره صاحب الفصول ـ وتبعه المصنّف رحمهالله في ظاهر كلامه ـ في مقام الجواب عمّا ذكره المحقّق القمّي رحمهالله من أنّ عدم عملهم بالأخبار في مقابل الاستصحاب من أجل ضعف في سندها ، فلا تغفل.
__________________
(*) في بعض النسخ زيادة : كالبيّنة.