كطهارة من خرج منه المذي أو نجاسة ما زال تغيّره بنفسه ، واخرى يراد به ما يعمّ الحكم الجزئي الخاص في الموضوع الخاص كطهارة هذا الثوب ونجاسته ؛ فإنّ الحكم بهما ـ من جهة عدم ملاقاته للنجس أو ملاقاته ـ ليس وظيفة للشارع. نعم ، وظيفته إثبات الطهارة كلّية لكلّ شيء شكّ في ملاقاته للنجس وعدمها.
وعلى الإطلاق الأوّل جرى الأخباريّون ؛ حيث أنكروا اعتبار الاستصحاب في نفس أحكام الله تعالى ، وجعله الأسترآبادي من أغلاط من تأخّر عن المفيد ، مع اعترافه باعتبار الاستصحاب في مثل طهارة الثوب ونجاسته وغيرهما ممّا شكّ فيه من الأحكام الجزئيّة لأجل الاشتباه في الامور الخارجيّة (١٤). وصرّح المحدّث الحرّ العاملي بأنّ أخبار الاستصحاب لا تدلّ على اعتباره في نفس الحكم الشرعيّ ، وإنّما تدلّ على اعتباره في موضوعاته ومتعلّقاته.
______________________________________________________
ثمّ إنّ من الموضوعات الشخصيّة الخارجة ما يتعلّق حكم الشارع به بالخصوص ، كوجوب الاعتقاد بنبوّة نبيّنا صلىاللهعليهوآله وإمامة أئمّتنا عليهمالسلام وبعض صفاتهم. ولا ريب في كون مثله من الأحكام الشرعيّة ، مع عدم كون بعضها ممّا من شأنه أن يؤخذ من الشارع ، كمسألة النبوّة ، وإلّا لزم الدور المحال ، وبعض آخر ممّا من شأنه ذلك ، كمسألة الإمامة ونحوها ، مع كون متعلّقات هذه الأحكام موضوعات شخصيّة.
ومنه يظهر أنّ كلّ ما ليس من شأنه أن يؤخذ من الشارع لا يجب أن يكون غير شرعيّ ، كما هو مقتضى التعريف الأوّل ، وحكي عن المصنّف رحمهالله ارتضائه ، وأنّ كلّ حكم جزئي لا يجب خروجه منه ، كما هو ظاهر المصنّف رحمهالله هنا. ومنه يظهر فساد التعريف الأوّل.
وأمّا التعريف الثاني فأظهر فسادا ، لعدم شموله للموارد التي لم يرد فيها بيان من الشارع ، كموارد الأقيسة. ومنه يظهر أولويّة التعريف الثالث ، لعدم ورود شيء ممّا ذكرناه عليه.