.................................................................................................
______________________________________________________
وربّما يورد عليه بأنّ علل الوجود أيضا كعلل العدم قد تتعدّد ، وغاية الأمر عدم تأثير اللاحق منها مع سبق إحداها ، نظير ما عرفته في علل العدم ، كما إذا قال : إن جاءك زيد فأكرمه ، وإن أضافك فأكرمه ، فإنّ كلّ واحد من المجيء والإضافة علّة لوجوب الإكرام ، فمع تحقّق أحدهما خاصّة يكون هي العلّة في الوجود ، ومع تحقّقهما فالسابق منهما ، ومع اقترانهما يشتركان في العليّة ، لا بمعنى استقلال كلّ منهما فيها ، لامتناع اجتماع علّتين على معلول واحد ، بل بمعنى اشتراكهما في التأثير في الوجود.
وحينئذ نقول : إنّ العقل والشرع إذا حكما بوجوب فعل أو حرمته مع عدم العلم بمناط حكم الشرع ، يحتمل أن يكون مناط حكم الشرع ـ مضافا إلى مناط حكم العقل ـ شيئا آخر لا يرتفع بارتفاع مناط حكم العقل ، بحيث يستقلّ لإثبات الحكم مع ارتفاع مناط حكم العقل ، وإن اشتركا في التأثير مع وجودهما ، كما إذا فرض حكم العقل بقبح شرب الخمر بعنوان كونه مسكرا ، وكان مناط حكم الشرع بحرمته في الواقع ـ مضافا إلى مناط حكم العقل ـ شيئا آخر كالإضرار ، فإذا ارتفع مناط حكم العقل صحّ استصحاب حكم الشرع لا محالة.
ثمّ إنّ المعترض هو صاحب الفصول ، حيث قال : «المراد باستصحاب حال العقل كلّ حكم ثبت بالعقل ، سواء كان تكليفيّا ، كالبراءة حال الصّغر ، وإباحة الأشياء الخالية عن أمارة المفسدة قبل الشرع ، وكتحريم التصرّف في مال الغير ، ووجوب ردّ الوديعة إذا عرض هناك ما يحتمل زواله ، كالاضطرار والخوف في المثالين الأخيرين ، أو كان وضعيّا ، سواء تعلّق الاستصحاب بإثباته ، كشرطيّة العلم لثبوت التكليف إذا عرض ما يوجب الشكّ في بقائها مطلقا أو في خصوص مورد ، أو بنفيه كعدم الزوجيّة وعدم الملكيّة الثابتين قبل تحقّق موضوعهما. وتخصيص جمع من الاصوليّين لهذا القسم بالمثال الأوّل ممّا لا وجه له» انتهى.
ووجه اندفاع الاعتراض ، أمّا اوّلا : فبما أشار إليه المصنّف رحمهالله. وحاصله : أنّ