وتخيّل بعضهم (٢٠٧٧) تبعا لصاحب المعالم أنّ قول المحقق قدسسره موافق للمنكرين ، لأنّ محلّ النزاع ما لم يكن الدليل مقتضيا للحكم في الآن اللاحق لو لا الشكّ في الرافع. وهو غير بعيد بالنظر إلى كلام السيّد والشيخ وابن زهرة وغيرهم ؛ حيث إنّ المفروض في كلامهم هو كون دليل الحكم في الزمان الأوّل قضيّة مهملة ساكتة عن حكم الزمان الثاني ولو مع فرض عدم الرافع ، إلّا أنّ الذي يقتضيه التدبّر في بعض كلماتهم ـ مثل إنكار السيّد لاستصحاب البلد المبنيّ على ساحل البحر مع كون الشكّ فيه نظير الشكّ في وجود الرافع للحكم الشرعي ، وغير ذلك ممّا يظهر للمتأمّل ، ويقتضيه الجمع بين كلماتهم وبين ما يظهر من بعض استدلال المثبتين (٢٠٧٨) والنافين ـ : هو عموم النزاع لما ذكره المحقّق ، فما ذكره في المعارج أخيرا ليس رجوعا عمّا ذكره اوّلا (٢٠٧٩) ، بل لعلّه بيان لمورد تلك الأدلّة التي ذكرها لاعتبار الاستصحاب ، وأنّها لا تقتضي اعتبارا أزيد من مورد يكون الدليل فيه مقتضيا للحكم مطلقا ويشكّ في رافعه.
______________________________________________________
أشرنا أيضا في أوّل هذا الأمر إلى أقسام الشكّ في الرافع ، ويظهر منه أقسام الشكّ في الغاية أيضا فراجع.
٢٠٧٧. قد تقدّم ذلك عن محمّد بن علي بن أحمد الحرفوشي في شرح قواعد الشهيد ، وسيحكيه المصنّف رحمهالله أيضا عن الفاضل الجواد في شرح الزبدة.
٢٠٧٨. مثل أنّ المقتضي للحكم الأوّل موجود ، والعارض لا يصلح أن يكون دافعا. واستدلال النافين ، مثل قولهم : إنّ الاستصحاب لو كان حجّة لكانت بيّنة النفي أولى ، لاعتضادها بالاستصحاب ، بناء على كون الشكّ في ارتفاع الأعدام من قبيل الشكّ في الرافع ، نظرا إلى استغنائها في البقاء عن المؤثّر. ولعلّه سيجيء الكلام في ذلك.
٢٠٧٩. فيه اعتراض على صاحب المعالم والفاضل الجواد ، لأنّ المحقّق بعد اختياره في أوّل كلامه قول المفيد رحمهالله ـ أعني : القول باعتبار الاستصحاب مطلقا ـ قد خصّ الحجّة منه في آخر كلامه بما كان الشكّ فيه في وجود الرافع ، وقال :