الثاني : أنّا تتبّعنا موارد الشكّ (٢١٠٦)
______________________________________________________
٢١٠٦. كما في باب الطهارة والنجاسة والأنكحة والأملاك وغيرها ، مثل الحكم بالطهارة عند الشكّ في الحدث وبالعكس ، وبطهارة الثوب ونحوه عند الشكّ في طروء النجاسة وبالعكس ، وبناء الشاهد على ما شهد به متى لم يعلم رافعه له ، والحكم ببقاء الزوجيّة ما لم يعلم مزيلها ، وببقاء الملك ما لم يعلم الناقل ، إلى غير ذلك ممّا لا يحصى. ومنه تقديم بيّنة المنكر ، لاعتضادها بالأصل. والظنّ يلحق المشكوك فيه بالأعمّ الأغلب.
ويرد عليه أوّلا : أنّه إن أراد به الاستقراء التامّ المفيد للقطع فهو ممنوع. وإن أراد به الاستقراء الناقص فهو غير مجد ، لعدم الدليل على اعتباره.
وثانيا : أنّه يعتبر في الاستقراء كون المشكوك فيه من سنخ الأفراد المستقرأ فيها ، وما ذكر من الأمثلة من قبيل الشبهة الموضوعيّة ، والمقصود إثبات اعتبار الاستصحاب في الأحكام الكلّية ، ولم يوجد مورد من الأحكام الكلّية قد اعتبر الشارع الاستصحاب فيه ، بأن كان ذلك ثابتا بالإجماع ، سوى استصحاب عدم النسخ. مع أنّه لم يثبت كون إجماعهم على وجوب البناء على عدم النسخ فيما احتمل فيه ذلك لأجل الاستصحاب ، لاحتمال كونه لأجل قواعد أخر ، كما نبّهنا عليه عند بيان فساد توهّم من زعم خروج الاستصحابات العدميّة من محلّ النزاع.
وثالثا : أنّ ما ادّعاه من عدم وجدان مورد في أبواب الفقه من موارد الشكّ في الرافع إلّا وقد حكم الشارع فيه بالبقاء ، منقوض بوجوب البناء على الأكثر عند الشكّ في عدد ركعات الصلاة ، إذ الأصل عدم الإتيان بالمشكوك فيه ، بناء على كون الشكّ في ارتفاع العدم من قبيل الشكّ في الرافع ، كما نبّهنا عليه غير مرّة. ثمّ إنّه سيجيء الكلام في تتمّة ما يتعلّق بالمقام ، وفي بيان الفرق بين الغلبة والاستقراء والقياس ، عند التعرّض لأدلّة القول بالحجّية مطلقا ، فانتظره.