حده ولا يسأم سامعه جنا حكمه ولا ألفاظ بدائعه ولا يمل عند إطالته لاستحلائه واستعذابه بل يفتح السمع إليه مقفل أبوابه ويرفع له مسبل حجابه
صفات أمير المؤمنين من اقتفى |
|
مدارجها أقنته ثوب ثوابه (١) |
صفات جلال ما اغتدى بلبانها |
|
سواه ولا حلت بغير جنابه |
تفوقها طفلا وكهلا فأينعت |
|
معاني المعالي فهي ملأ إهابه (٢) |
مناقب من قامت به شهدت له |
|
بإزلافه من ربه واقترابه (٣) |
مناقب لطف الله أنزلها له |
|
وشرف ذكراه بها في كتابه |
هذا آخر كلام كمال الدين بن طلحة ـ.
قال الشيخ المفيد رحمهالله ومن آيات الله الخارقة للعادة في أمير المؤمنين علیهما السلام أنه لم يعهد لأحد من مبارزة الأقران ومنازلة الأبطال مثل ما عرف لأمير المؤمنين من كثرة ذلك على مر الزمان ثم لم يوجد في ممارسي الحروب إلا من عرته بشر ونيل منه بجراح أو شين إلا أمير المؤمنين علیهما السلام فإنه لم ينله مع طول مدة زمان حربه جراح من عدوه ولا وصل إليه أحد منهم بسوء حتى كان من أمره مع ابن ملجم لعنه الله على اغتياله إياه ما كان وهذه أعجوبة أفرده الله تعالى فيها بالآية وخصه بالعلم الباهر في معناها ودل بذلك على مكانه منه وتخصصه بكرامته التي بان بفضلها من كافة الأنام.
ومن آيات الله فيه علیهما السلام أنه لا يذكر ممارس للحروب لقي فيها عدوا إلا وهو ظافر به حينا وغير ظافر به حينا ولا نال أحد منهم خصمه بجراح إلا وقضى منها وقتا وعوفي منها وقتا ولم يعهد من لم يفلت منه قرن في الحرب ولا نجا من ضربته أحد فصلح منها إلا أمير المؤمنين علیهما السلام فإنه لا مرية في ظفره بكل قرن بارزه وإهلاكه كل بطل نازله وهذا أيضا مما انفرد به علیهما السلام من كافة الأنام وخرق الله به العادة في كل حين وزمان وهو من دلائله الواضحة.
________________
(١) أقناه : أغناه وأرضاه وأعطاه ما يقتنى.
(٢) أينع بمعنى أدرك. والإهاب : الجلد.
(٣) الازلاف : التقرب.