تشهد لشرفه ومكانه ورجاحة فضله وثقل ميزانه وذلك لأنها دلت أن كل واحد منهما صلی الله علیه وسلم أصل للآخر ونازل منزلته وأنه لم يرض أن يقتصر له علیهما السلام بأن عليا منه حتى جعل نفسه من علي ص.
وَقَدْ أَوْرَدَ ابْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ وَابْنُ أَثِيرٍ الْجَزَرِيُّ فِي تَارِيخِهِمَا أَنَّهُ كَانَ صلی الله علیه وسلم يَقُولُ لِعَلِيٍّ فِي يَوْمِ أُحُدٍ وَقَدْ فَرَّ مِنَ الزَّحْفِ مَنْ فَرَّ وَقَرَّ مَعَ النَّبِيِّ مَنْ قَرَّ يَا عَلِيُّ اكْفِنِي أَمْرَ هَؤُلَاءِ اكْفِنِي أَمْرَ هَؤُلَاءِ إِشَارَةً إِلَى الْكُفَّارِ وَعَلِيٌّ علیهما السلام يُجَالِدُ بَيْنَ يَدَيْهِ بَاذِلاً نَفْسَهُ دُونَهُ خَائِضاً غُمَارَ الْحَرْبِ (١) فِي نَصْرِهِ صَابِراً عَلَى مُنَازَلَةِ الْأَقْرَانِ وَمُصَاوَلَةِ الشُّجْعَانِ (٢) وَمُقَارَعَةِ صَنَادِيدِ الْعَرَبِ وَمُصَارَعَةِ الْفُرْسَانِ الْجَاهِلِيَّةِ بِعَزْمٍ لَا يَنْثَنِي (٣) وَهِمَّةٍ لَا تَنِي وَبَأْسٍ يُذِلُّ مَرَدَةَ الطُّغْيَانِ وَنَجْدَةٍ تُقَيِّدُ شَيَاطِينَ الْكُفْرِ فِي أَشْطَانِ الذُّلِّ (٤) وَالْهَوَانِ فَقَالَ جَبْرَئِيلُ وَاللهِ يَا مُحَمَّدُ مَا هَذِهِ الْمُوَاسَاةُ فَقَالَ هُوَ مِنِّي وَأَنَا مِنْهُ فَقَالَ وَأَنَا مِنْكُمَا فانظر إلى هذه الحال التي خص بها الإمام علیهما السلام ما أجلها والمنزلة التي طلب جبرئيل علیهما السلام أن ينالها ويتفيأ ظلها والحديث ذو شجون أي يدخل بعضه في بعض (٥).
وَمِنْ كِتَابِ الْمَنَاقِبِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلی الله علیه وسلم الْتَزَمَ عَلِيّاً وَقَبَّلَهُ وَيَقُولُ
________________
(١) الغمار ـ بالضم ـ : جماعة الناس ولغيفهم بقال «دخلت في غمار الناس» اى في جماعتهم المتكائف.
(٢) صاوله مصاولة : وانبه.
(٣) اى لا تضعف يقال : شى الرجل في الامر : فتروضعف وكل واعيا.
(٤) النجدة : الشجاعة. الشدة والباس. واشطان جمع الشطن ـ محركة ـ : الحبل الطويل تربط به الدابة.
(٥) قال السيداني في مجمع الامثال : الحديث ذو شجون اى ذو طرق الواحد شجن بسكون الجيم ، والشواجن اودية كثيرة الشجر الواحدة شاجنة واصل هذه الكلمة الاتصال والالتفات ومنه الشجنة ، والشجنة : الشجرة الملتغة الاعضان يضرب هذا المثل في الحديث يتذكر به غيره ثم ذكر في ذلك قصة فراجع ج ١ : ٢٠٦.